وانتقل من مذهب الحنفية إلى الشافعية لملازمته لهم في المعقول والمنقول، وتلقى عن السيد مرتضى أسانيد الحديث والمسلسلات، وحفظ القرآن في بداية أمره برشيد، وجوده على السيد صديق، وحفظ شيئاً من المتون قبل مجيئه إلى مصر، وأكب على الاشتغال في الأزهر، وتزيا بزي الفقهاء بلبس العمامة والفرجية، وتصدر ودرس في الفقه والمعقول وغيرهما.
ولما وصل محمد باشا إلى ولاية مصر اجتمع عليه عند قلعة أبي قير فجعله إماماً له يصلي خلفه الأوقات وحضر معه إلى مصر، ولم يزل مواظباً على وظيفته، وانتفع بنسبته إليه واقتنى حصصاً وإقطاعات، وتقلد قضايا مناصب البلاد العظيمة، ويأخذ ممن يتولى عليهم الجعالات والهدايا، وأخذ أيضاً نظر وقف الأزبك وغيره، ولم يزل تحت نظره بعد انفصال محمد باشا خسرو، واستمر المذكور على القراءة والإقراء، حتى توفي أواخر سنة تسع وعشرين ومائتين وألف.
[الشيخ حسين بن حسن الكتاني بن علي المنصوري الحنفي الأزهري]
الفاضل المفضل، والكامل المبجل، عمدة العلماء الأعلام، ونخبة الأساتذة الكرام، تفقه على خاله الشيخ مصطفى بن سليمان المنصوري والشيخ محمد الدلجي والشيخ أحمد الفارسي والشيخ عمر الديركي والشيخ محمد المصيلحي، وأقرأ في فقه المذهب دروساً في محل جده لأمه في الأزهر. ولما كانت حادثة السيد عمر مكرم النقيب، نفوه من مصر إلى دمياط وكتبوا فيه عرضاً للدولة، وامتنع السيد أحمد الطحطاوي من الشهادة عليه في أمر ادعوا عليه به وهو يتبرأ منه وينكره، كما تعصبوا عليه وعزلوه من مشيخة الحنفية وقلدوها المترجم، فلم يزل يخدمها حتى مرض. وتوفي يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من المحرم سنة ثلاثين ومائتين وألف، وصلي عليه في الأزهر في جمعية عظيمة ودفن في تربة المجاورين رحمة الله علينا وعليه آمين.