وتفجرت ينابيع حكمه في كل واد، وأزهرت رياض تقريره في كل فؤاد، فهو الإمام الذي شكرت المعضلات فكره، وعجز معاصره أن يقدر قدره، لم يدع من الفنون فناً إلا ارتقاه، ولا نوعاً غريباً إلا اختباره وانتقاه، ولا خفيا من المشكلات إلا أبان محياه، ولا دنا من دنان المباحثات إلا ارتشف حمياه، ولا وادياً من التحقيق إلا سلكه، ولا ارتدى برد تحرير إلا وشاه وحبكه، مع دين يشهد أعداؤه بمتانته وزهد ظهارته كبطانته، وصبر على مضض الأيام يظهر له أنه في الكمال إمام أي إمام، وله من التحابير أحسن التحارير، وبدائع بيان هي البديع والبيان، وكان من أعظم المقاصد للمداح بالقصائد، ولذلك قال عثمان أفندي بن سند أمدنا الله وإياه بوافر المدد:
قصائد لم يطربن إلا لأنها ... لها من علا عبد الرحيم مساند
إمام زكا عرقاً فأضحى محله ... له سمرت فوق السماك مصاعد
تجسد من علم فقد قال إنه ... عباب ففيما قال لاحت شواهد
تقارير أما زهرها فسوائر ... ولو أنها كالخالدات خوالد
فوائده في الدرس هن فوائد ... ولو أنها للدارسين موائد
قواعد أبداهن غرا يزينها ... نوادر في الآفاق هن الشوارد
إذا جال في بحث رأيت به فتى ... له طاب من بحث العلوم الموارد
له غرر لماعة وبراعة ... لها من بديع النظم سارت أوابد
توفي المترجم عام ألف ومائتين واثني عشر.
[الشيخ عبد الرسول البخارلي الحنفي النقشبندي]
العالم في الشريعة والحقيقة، المرشد الكامل في آداب الطريقة، كان أديباً كاملاً وهماماً فاضلاً، آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر، ما جلس في