قلت: بأبي وأمي بلى يا رسول الله، قال: بسم الله أرقيك والله يشفيك من كل داء فيك، من شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حاسد. توفي المترجم رحمه الله تعالى سنة أربع عشرة ومائتين وألف، ودفن ببستان المجاورين بمحفل عظيم من العلماء والأعيان.
[السيد عبد الغفار بن السيد عبد الواحد بن السيد وهب المعروف بالأخرس]
أديب قد تحلى كلامه بقلائد العقيان، ولبيب قد احتوى نظامه على بلاغة قس وفصاحة سحبان، فهو الفرد الذي جرت في بحور شعره سفن الأذهان، ودارت على الندمان كرؤوس نثره ونظمه فأغنتهم عن الحان والألحان.
ولد في بلدة الموصل بعد المائتين والعشرين والألف من الهجرة النبوية، ونشأ في مدينة دار السلام المحمية، ولم يزل يجول في نواحي العراق مرتحلاً وحلاً، تارة مثرياً وتارة مقلاً، فتارة في البصرة وتارة في بغداد، يتنكب الأغوار منها والأنجاد. وفي إبان صباه كان قد أرسله المرحوم الوزير الخطير والمشير الكبير، حضرة داود باشا والي بغداد، عليه رحمة الملك الجواد، إلى بعض بلاد الهند ليصلحوا لسانه عن الخرس، وما كان فيه من الكلام قد احتبس، فقال له الطبيب: أنا أعالج لسانك بدواء، فإما أن ينطلق وإما أن تسارع إلى دار البقاء، فقال له وهو منه نافر وعنه مغضي، إنني لا أبيع كلي ببعضي، واتبع طريق الصواب والسداد، وكر راجعاً إلى بغداد. وبقي فيها مدة يكابد منها بعضاً من اليسر وبعضاً من الشدة. وفي عام التسعين بعد المائتين والألف عزم على