ابن محمد بن يحيى بن محمد بن عبد الجليل السباعي الحمصي عالم شاعر، وناظم ناثر، قد فاق في عصره أقرانه، مع زهد وتقوى وصيانة وديانة، فلذا كان ممن يعتمد عليه، ويشار في حل المشكلات والمعضلات إليه، على أنه من بيت قد تأسس على العلم والتقوى، وحسن العمل في السر والنجوى، فهو الحبر الذي فاق بصفاته الأوائل، والبحر المتموج بجواهر الفضائل، الجامع شمل الكمال بعد شتاته، والواضع في جسد المجد روح حياته، فلا ريب أنها تضحك ببكاء أقلامه الطروس، ويرى في صورة خطوطه حظوظ النفوس.
ولد في مدينة حمص سنة ألف ومائة وإحدى وتسعين، ونشأ بها إلى أن توفي والده، ذهب إلى مصر في نية طلب العلم في الجامع الأزهر والمقام الأنور، فقرأ على علمائها وطلب على فضلائها، ثم رجع إلى الشام وكمل طلبه على علمائها الأعلام، وفي سنة ألف ومائتين وخمس وخمسين سافر إلى بلده حمص، ومرض بداء البطن، وتوفي في تلك السنة ودفن في مقابر بني السباعي بالقرب من حضرة سيدي خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه، ومن بديع نظامه وفصيح كلامه، معارضاً بانت سعاد يمدح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
صدت سعاد وما للحال تحويل ... وليس لي في سواها قط مأمول
وكيف لا وفؤادي صار مرتعها ... ولم يرعني بها قال ولا قيل
لم أخش في حبها عذلاً لذي عذل ... ولا لواش وفيها القلب مكبول
فكم لحاني لاح في الهوى سفهاً ... فقلت اقصر فلي في ذاك تنويل
الله أكبر كم في الحب من بطل ... لقد علاه اكتئاب وهو مذبول