للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أبو المواهب بن حسين بن سليم بن سلامة الدجاني مفتي يافا]

عالم قد زان علمه العمل، وناظم قرت بحسن نظمه المقل، حديثه أعذب من الماء الزلال، ونثره ألذ من الوصال بعد الدلال، قد قرأ في الجامع الأزهر إلى أن حصل له الحظ الأوفر، وأجازه شيوخه بما تجوز لهم روايته، وتنسب إليهم درايته، من حديث وتفسير وفقه وتوحيد وأصول، وغير ذلك من نحو وصرف ومعقول ومنقول، ثم بعد حصوله على غاية سؤله، رجع إلى بلده وأهله، ونزل في دار العالم الفاضل والمرشد الكامل بغية الأماني الشيخ أبي رباح الدجاني، ولما قصدت زيارة بيت المقدس سنة ألف ومائتين وتسعين نزلنا في دار الشيخ أبي رباح، واجتمعنا بالمترجم المذكور فأدخل علينا غاية البشر والانشراح، وكان يقرط آذاننا بلآلىء كلامه ودرر نثره ونظامه، وأسمعنا قصيدته التي مدح بها حضرة أبي رباح المومى إليه وهي هذه:

إلام بربة الخلخال صاح ... فؤادك في المحبة غير صاح

وتنثر عقد دمعك ذا انتظام ... أكان الطل أم زهر الأقاح

وتخلع في العذارى ثوب نسك ... أليس عليك في ذا من جناح

بروحي غادة رشفات فيها ... ودر حديثها نقلي وراحي

تميل بعادل الأعطاف تيهاً ... فتهزأ بالغصون وبالرماح

كست جسمي السقام وما كفاها ... إلى أن أوسعته من الجراح

بطيف خيالها ضنت فجادت ... كرائم أدمعي بعد الشحاح

رأت حل الوصال بها حراماً ... وسفك دم المحب من المباح

لأسمر قدها هزت وصالت ... ببيض لحاظها المرضي الصحاح

فدعني عاذلي واعذر محباً ... وحق الحب لا يصغي للاح

يخوض معارك الظلماء فرداً ... يسامر ساهر النجم اللياح

ومن عشق الصباح عليه هانت ... مراقبة النجوم إلى الصباح

<<  <   >  >>