الشيخ إبراهيم بن الشيخ محمود الحريري الحنفي الأزهري مفتي السادات الحنفية بمصر
الماجد الذي ابتهجت به وجوه المعالي، وتبسمت له ثغور المكارم الباسمة باللآلىء، وقد ساعده وقته بالإقبال، وصدره في مصادر الرفعة والإجلال، فأبدى من خزانة فكره عقود الفضائل، وأنشأ من معدن قريحته فرائد الفواضل، واستوى على عرش الرفعة والكمال، واحتوى على ما يثبت له كل فضيلة وإجلال، كيف لا وهو مفتي الأنام، ومرجع الخاص والعام، وقد أحسن الجبرتي الهمام، قائلاً في ترجمة هذا الإمام: العلامة المفيد، والنحرير الفريد، والإمام الفقيه، والهمام النبيه، تفقه على والده الرفيع الشأن، وحضر في المعقولات على أشياخ الوقت كالبيلي والدردير والصبان، وأنجب وتمهر في العلوم العقلية والنقلية، وصارت فيه ملكة جيدة واستحضار للأصول والفروع الفقهية، ولما مات والده في رجب سنة ألف ومائتين وعشرين، تولى منصب والده في الإفتاء وإفادة المسلمين، وكان لها أهلاً مع التحري والمراجعة في المسائل، والعفة والصيانة والديانة والتباعد عن الرذائل، مواظباً على وظائفه ودروسه وما يثبت جميل المآثر، ملازماً لداره إلا عما دعته الضرورة إليه من المواساة وحضور المجالس مع الأكابر، وكان مبتلى بآخرته بضعف البصر، واعتراه داء الباسور فقاسى منه غاية الضرر، وانقطع بسببه عن الخروج من داره، ولم يزل ملازماً له حتى نزل بدار قراره، توفي رحمه الله يوم الاثنين تاسع عشر جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين ومائتين وألف وصلي عليه في الأزهر، ودفن بمدرسة الشعبانية بحارة الدويداري ظاهر حارة كتامه المعروفة الآن بالعينية بالقرب من الجامع الأزهر رحمه الله تعالى.