بجاه النبي المختار والآل ذي التقى ... عليهم صلاة الله ما غرد القمري
وما أحمد اليافي يهني مؤرخاً ... بدا بدر شام بالمحيا أبي البشر
توفي رحمه الله تعالى سنة إحدى وعشرين ومائتين وألف.
[الشيخ أحمد ن محمد بن سلامة الشافعي الأزهري المعروف بأبي سلامة]
الإمام العلامة، الثقة الهمام الفهامة، المحقق النحرير، الذي ليس له في فضله نظير، قال صاحب عجائب الآثار في التراجم والأخبار: اشتغل بالعلم وحضر العلوم النقلية والنحوية والمنطقية وتفقه على كثير من علماء الطبقة الأولى كالشيخ علي قايتباي والحفني والبراوي والملوي وغيرهم، وتبحر في الأصول والفروع وكان مستحضراً للفروع الفقهية والمسائل الغامضة في المذاهب الأربعة، ويغوص بذهنه وقياسه في الأصول الغريبة، ومطالعة كتب الأصول القديمة التي أهملها المتأخرون.
وكان الفضلاء يرجعون في ذلك إليه، ويعتمدون قوله، ويعولون في الدقائق عليه، إلا أن الدهر لم يصافه على عادته وعاش في خمول وضيق عيش وخشونة ملبس وفقد رفاهية بحيث أن من يراه لا يعرفه لرثاثة ثيابه كأنما الدهر يناديه على لسان شانيه ومعاديه:
ذو العلم يشقى في النعيم بعلمه ... وأخو الجهالة في الشقاء منعم
لو كنت أجهل ما علمت لسرني ... جهلي كما قد ساءني ما أعلم
كالصعو يرتع في الرياض وإنما ... حبس الهزار لأنه يتكلم
وكان مهذباً حسن المعاشرة، جميل الخلق والنادرة، مطبوعاً فيه الصلاح والتواضع. ونزل مؤقتاً في مسجد عبد الرحمن كتخدا الذي أنشأه تجاه باب الفتوح بمعلوم قدره ثمانية أنصاف يتعيش بها مع ما يرد عليه من بعض الفقهاء والعامة الذين يحتاجون إليه في مراجعة المسائل والفتاوى، فلما خرب المسجد المذكور في حادثة الفرنسيس وجهات أوقافه انقطع عليه ذلك المعلوم، وكان ذا عائلة، ومع ذلك لا يسأل شيئاً ولا يظهر فاقة. توفي يوم الأحد حادي عشر جمادى الآخرة سنة خمس عشرة ومائتين وألف عن خمس وسبعين سنة تقريباً رحمه الله تعالى.