فحضر وختم له كثير من الناس، وكذلك غيره تعرض لها ولكن صادف القدر، وتوجهت الإرادة الأزلية للشيخ صالح أفندي قطنا، فتوجه الإفتاء عليه من شيخ الإسلام جمال الدين أفندي. وعلى كل حال فهو شهم شجاع جميل المعاشرة، يغلب عليه الميل إلى الطاعة والمروءة والحماسة والتباعد عن الرذائل، ولم يشتهر عنه أنه في مدة نياباته ارتشى من أحد أحسن الله حالنا وحاله.
ثم في ثالث ربيع الثاني خطب يوم الجمعة في جامع بني أمية وقرأ فيه الدرس العام بعد العصر، وخرج إلى قرية تل منين لحضور عرس دعي إليه، وكان يوم السبت، وبعد صلاة العشاء أصابه وجع قلب ولم يمض عليه ساعة حتى مات، فأحضروه في الصباح إلى الشام وجهزوه وصلوا عليه في جامع بني أمية ثم دفنوه في مدفن أسلافه في مقبرة الدحداح، وذلك رابع ربيع الثاني سنة ألف وثلاثماية وأربع وعشرين.
[الشيخ العلامة المتفنن الباحث المتقن أبو العباس المغربي المالكي]
صاحب العلم الباهر، والفضل السامي الظاهر، والشهرة العامة، والشمائل الكاملة التامة، وهو من رجال الجبرتي، أخبر رضي الله عنه أن أصله من الصحراء من عمالة الجزائر، دخل مصر صغيراً فحضر دروس الشيخ علي الصعيدي وتفقه عليه ولازمه، ومهر في الآلات والفنون، وأذن له في التدريس فصار يقرىء الطلبة في رواقهم، وراج أمره لفصاحته وجودة حفظه، وتميز في الفضائل، وحج سنة اثنتين وثمانين ومائة