الحنفية، وتولى مشيخة المغاربة بعد وفاة الشيخ عبد الرحمن البناني، وسار فيها أحسن سيرة مع شهامة وصرامة وفصاحة لفظ في الإلقاء. وكان جيد البحث مليح المفاكهة والمحادثة واستحضار اللطائف والمناسبات، ليس فيه غلظة ولا فظاظة، ويميل بطبعه إلى الحظ والخلاعة وسماع الألحان والآلات المطربة.
توفي رحمه الله سنة تسع ومائتين وألف كما نقله الجبرتي.
الشيخ عبد الرحمن الأجهوري النحراوي الشهير بمقري الشيخ عطية الشافعي المصري
قال الجبرتي: الإمام العلامة، المفيد الفهامة، عمدة المحققين ونخبة المدققين، الصالح الورع المهذب. خدم العلم وحضر فضلاء الوقت ودرس ومهر في المعقول وبرع في المنقول، ولازم الشيخ عطية الأجهوري ملازمة كلية، وأعاد الدروس بين يديه، واشتهر بالمقري وبالأجهوري لشدة نسبته إلى الشيخ المذكور، ودرس بالجامع الأزهر وأفاد الطلبة، وأخذ طريق الخلوتية عن الشيخ الحفني ولقنه الأذكار وألبسه الخرقة والتاج وأجازه بالتلقين والتسليك. وكان يجيد حفظ القرآن بالقراءات، ويلازم المبيت في ضريح الإمام الشافعي في كل ليلة سبت، يقرأ مع الحفظة بطول الليل، وكان إنساناً حسناً متواضعاً لا يرى لنفسه مقاما، يحمل طبق الخبز على رأسه ويذهب به إلى الفران ويعود به إلى عياله، فإن اتفق أن أحداً رآه ممن يعرفه حمله عنه وإلا ذهب به، ووقف بين يدي الفران حتى يأتيه الدور ويخبزه له. وكان كريم النفس جداً يجود وما لديه قليل. ولم يزل مقبلاً على شأنه وطريقته حتى نزلت به الباردة وبطل شقه، واستمر على ذلك نحو السنة، وتوفي إلى رحمة الله في السنة العاشرة بعد المائتين والألف.