الخاص والعام، وبادروا تشييع جنازته بكل اهتمام، رغب تغسيله وتكفينه والصلاة عليه، توجه العموم بالدعوات إليه، ثم شيع جنازته الأكابر والأعيان والأصاغر والولدان، وحينما شاهدت هذا الحال، تذكرت قول من قال:
صروف الليالي لا يدوم لها عهد ... وأيدي المنايا لا يطاق لها رد
عجبت لمن يغتر فيها بجنة ... من العيش ما فيها سلام ولا برد
أفي كل يوم للنوائب غارة ... يشق عليها الجيب أو يلطم الخد
أرى كل مألوف يعجل فقده ... فما بال فقد الإلف ليس له فقد
مضى طاهر الأثواب والجسم والحشا ... له الشكر درع والعفاف له برد
وأبقى لنا من طيبه طيب ولده ... ينوب كما أبقى لنا ماءه الورد
فبالرغم مني أن يغيبك الثرى ... ويرجع مردوداً بخيبته الوفد
سأبكيك جهد المستطاع منظماً ... رثاك وهذا جهد من ماله جهد
لئن كنت قد أمسيت عنا مغيباً ... فقد ناب عنك الذكر والشكر والحمد
[الشيخ عاشق المصري الخالدي النقشبندي]
زبدة الأفاضل ونخبة الأمائل، عالم الزمان وفاضل الأوان، الصالح العامل والفالح الكامل، قد لازم حضرة مولاناة الشيخ خالد في دمشق الشام، وأدى حق الخدمة والسلوك على التمام، ثم خلفة وأذن له بالإرشاد، وهو آخر من تخلف ونال من الشيخ المراد، ولما مر الشيخ إبراهيم فصيح أفندي الحيدري في طريقه إلى الحجاز على مصر، اجتمع بالمترجم المرقوم، وذلك سنة ثمانين وألف ومائتين، وكان مستقيم الأطوار، حسن الأخلاق فصيح اللسان مشتغلاً بالطريق، متفرغاً للهداية والإرشاد، إلى أن اخترمته المنية سنة ألف ومائتين ونيف وثمانين.