للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشيخ داود البغدادي الموسوي بن المرحوم السيد سليمان البغدادي الشافعي النقشي الشهير بابن جرجيس

إمام قد طلع في سماء العلوم بدرا، وهمام قد برع في المنطوق والمفهوم وأحاط بهما خبرا، بجميل مديحه قد تحلت الطروس، وبجليل ذكره قد طربت النفوس، فلا ريب أنه صدر الأكابر والأعاظم، وكعبة طواف المكارم والأكارم، والأوحد الذي خيمت البراعة بناديه، والأمجد الذي لم يعرف غير الفضائل من زمن مباديه.

ولد في مدينة بغداد سنة ألف ومائتين وإحدى وثلاثين، ونشأ في حجر والده المعروف بالصيانة والعلم والدين، وبعد أن قرأ القرآن، وأتقنه كل الإتقان، قصر نفسه على العلم وطلبه، إلى أن فاز منه بمرغوبه وأربه، وكان كثير الاعتزال عن الناس، ليس له بغير العلم والعمل استئناس، مواظباً على الفروض والسنن، على أكمل حال وأتم سنن. وكان يقرىء الدروس لمن حضر، وهو ابن ثمانية عشر، ولم يزل على حاله، ناهجاً منهج كماله، إلى أن توفي والده فسافر إلى الحرمين الشريفين، ومكث بهما نحواً من عشر سنين، وقد أجازه بهما السادة العلماء، والقادة الفضلاء، ثم رجع إلى بغداد، فصرف نفيس عمره على إفادة العلوم وإرشاد العباد، ثم رجع إلى الحرمين بقصد الحج وزيارة سيد الأنام، وتوجه مع ركب الحاج إلى دمشق الشام، ومكث بها سنتين أو زيادة، ثم قصد وطنه وبلاده، ولم يحل في محل إلا وشغله العلم والعمل، وإفادة الطالبين من غير كسل. ثم بعد مكثه مدة من السنين، سافر إلى الحجاز ومعه ولده الكامل الشيخ بهاء الدين، ثم بعد أن أتم الحج وزار خير الأنام، توجه إلى مصر والقاهرة وجلس مدة من الأيام، ثم سار حتى

<<  <   >  >>