توفي رحمه الله تعالى سنة ألف ومائتين وثلاث وعشرين ودفن في تربة السلطان مصطفى.
[الشيخ سليم بن نجيب صافي الحنفي الحمصي]
عالم غير أنه عامل، وكامل غير انه فاضل، متواضع دائم الخضوع، متذلل كثير البكاء والخشوع، قد أمات نفسه بإحياء طاعته، وحفظ أوقاته بتقواه وعبادته، وجذب القلوب بحسن أفعاله، وملك الألباب بجميل أحواله وأقواله، فلا ريب أنه فرد مصره، بل أوحد أوانه وعصره. ولد سنة تسع وعشرين بعد المائتين والألف، ونشأ في طلب العلم الشريف ثم أقبل على الطاعة والتقوى، وذكر الله في السر والنجوى، وكان ورعاً عابداً، ناسكاً زاهداً، كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يجلس في مجلس إلا وقد شغله بسيرة السادة الغرر، وكان لا يفتر عن ذكر الله بحال، ولا يسكت عن منكر ولو كان مرتكبه من ذوي السلطة والإجلال، وكان يدور على الأرامل والأيتام، فيقضي لهم حوائجهم حسب المرام، وكان له غاية الهمة، في قضاء المصالح والخدمة، وكان إذا جلس في مجلس لا يقوم حتى يجعل ختام مجلسه ذكر الله تعالى، وكان كثيراً ما يقول: الحمد لله الذي أنعم علينا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم وتارة يبدل أنعم، بمًنَّ، وتارة أكرمنا برسوله محمد، ويأمر الناس بأن يواظبوا عليها. وقد اجتمعت به سنة ثمانين في مدينة حمص فرأيته فوق ما سمعت عنه، وشاهدت ما لم أكن أظنه منه، فلا ريب أنه فرد زمانه، ونادرة أوانه. ولم يزل ناهجاً منهج السلف الصالح، متمسكاً بالسبب القوي الراجح، متخلقاً بأخلاق ذوي الكمال، متحققا ً