من الخشوع والتدبر والخضوع ما يشهد له بكمال الصلاح والفلاحة والنجاح، وكان قليل الاختلاط مع الناس، دائم الجلوس غالباً في جامع بني أمية ليس له بغير الطاعة والعبادة استئناس، وقد انتقلت إليه بعد موت والده مشيخة الحرف والصنائع وأهل الطرق. وكان شهماً مهاباً جميل الصورة لين الجانب حسن المعاشرة سامي القدر مقبولاً عند الناس. مات رحمه الله تعالى سنة ألف ومائتين ودفن في مدفنهم المعلوم.
[الشيخ أمين بن الشيخ عبد الستار بن الشيخ إبراهيم الأتاسي الحمصي]
عين الزمان ويمينه، لو حلف الدهر ليأتين بمثله حنثت يمينه، فهو خص كله كرم وجود، وما من فضل إلا لديه ثابت موجود، موارد معارفه سائغة، وملابس عوارفه سابغة، مع شيمة لو أنها في الماء للطافتها ما تغير، وهمة لو تمسكت بها يد النجم ما تغور، وأيادٍ روائح غوادي، كنسيم الروض غب الغوادي، ولد رحمه الله سنة السبع والعشرين بعد المائتين والألف، ونشأ في حجر والده، وقرأ عليه في المعقول والمنقول، إلى أن صار من خلاصة الفحول؛ وكان ذا شفعة ومروءة وهمة، وإسعاف للفقراء والمساكين. كثير البشاشة والإقبال على القاصدين والواردين. وبعد وفاة والده حضر إلى دمشق الشام، وأخذ عن السادة الأعلام، كالشيخ عبد الرحمن الكزبري، والشيخ سعيد الحلبي، والسيد محمد عابدين، والشيخ عبد اللطيف مفتي بيروت. ثم ذهب إلى وطنه الشهير، وتولى وظيفة التدريس بعد والده في الجامع النوري الكبير، في كل يوم جمعة بعد الصلاة، وفي شهر رمضان من ابتدائه إلى قرب منتهاه. ولم يزل على حالته السنية، إلى أن وافته المنية، غرة ذي القعدة الحرام سنة ثمان وثمانين بعد المائتين والألف من هجرته عليه الصلاة والسلام.