ولد في المدينة المشرفة المنورة، والبلدة التي هي بسور العناية مسورة، سنة ألف ومائتين وخمس وأربعين من هجرة جده سيد المرسلين، وفي ثاني سنة من ولادته رحل والده المرحوم لدار آخرته، ثم قام بتربيته أخوه الأوحد، وشقيقه الماهر الأمجد الشريف السيد أسعد، فأفرغ جهده في تأديبه، وحسن تربيته وتدريبه، فقرأ القرآن وأتقنه، ثم حفظه وجوده حتى أتم تجويده وأحسنه، فعندها أخذ في طلب العلم على السادة الأفاضل حتى صار معدوداً من ذوي الفضائل، منهم الشيخ يوسف الصاوي والشيخ عبد الغني الدمياطي والشيخ أحمد الطنطاوي والشيخ حبيب المغربي وغيرهم ممن رقى في العلم مقامه، وخفقت راياته وأعلامه، ولم يزل يترقى على معراج السمو، ويتدرج في الفضل على مدارج العلو، إلى أن تحلى من كل جميل بما هو أجمل، وتولى على خزانة الكمال والأكمل، وهو من آل بيت في المدينة أهل فضل وتقوى، وعلم وعبادة وفتوى، وقد دام فيهم إفتاء المدينة المنورة تسعين سنة، وهم على أكمل الصفات العالية والنعوت المستحسنة، وفي سنة أربع وثمانين تشرف بخدمة وكالة الفراشة عن مولانا أمير المؤمنين السلطان عبد العزيز خان أسكن الله روحه فراديس الجنان، وغب انتقاله إلى الآخرة، والدار الباقية الفاخرة، تشرف بوكالة الفراشة عن مولانا أمير المؤمنين السلطان عبد الحميد خان، أدام الله حياته على مدى الأزمان، وفي سنة تسع وتسعين وجه عليه باية استنبول، وبعد أيام قليلة أحسن إليه بباية أناطول، مع النيشان البرنجي المجيدي وبعده بالوسام البرنجي العثماني، ثم بنيشان الصداقة، ثم بباية قاضي عسكر روميلي التي هي نهاية المراتب، ولم يزل يسمو مقامه فوق الواجب، وقدره يتعالى، ونعيمه يتجدد ويتوالى، إلى أن حصل له في آخر أمره جذبة إلاهية، أذهلته عن إدراك أموره العادية، وفي سابع رمضان عام ألف وثلاثماية وأربعة عشر اخترمته المنية في الآستانة العلية رحمة الله عليه.