على الفسوق والآثام، قد اتخذ هواه من دون الله هادياً ونصيرا، واستكبر في نفسه وعتا عتواً كبيراً، وكان سفاكاً للدماء، لا يتقيد بشرع بل كان يفعل ما يشاء، فأكرمه على قتل العرب حضرة علي بيك حاكم مصر، ولقبه بلقب بيك جزاء ذلك النصر، غير أنه بعد ذلك ساءت سيرته فركن إلى الفرار، ومكث في قسطنطينية أياماً ثم هرب إلى سورية بقصد الاستتار، فدخل دير القمر ملتجئاً إلى الأمير يوسف الشهابي الوالي حينئذ على جبل لبنان، سنة خمس وثمانين ومائة وألف من هجرة سيد ولد عدنان، فرحب به الأمير وأكرمه، وأبقاه عنده واحترمه، ثم بعد أيام أرسله إلى بيروت، وعامله معاملة الأكارم من ذوي البيوت، ورتب له شيئاً من الرسومات وافياً بالمرام، فأقام اياماً ثم سار إلى دمشق وخدم عند عثمان باشا والي الشام، وفي سنة سبع وثمانين ومائة وألف جعله الأمير يوسف متسلماً من قبله على بيروت وجعل معه طائفة من المغاربة، ثم إنها لم تطل المدة حتى خان ورام أن يبلغ مآربه، فصمم على مبارزة الأمير وشرع في ترميم الأسوار، وجعل يهيىء الميرة وآلات الحرب للحصار، ويمنع أهل البلاد من الدخول إلى المدينة، ولا يدع شيئاً يخرج منها بهمة مكينة، ثم لما دخل بيروت ثانية وفعل ما فعل، استغاث الأمير يوسف بحسن باشا وأخبره بما حصل، وكان قد سافر إلى قبرص قاصداً القسطنطينية، فعاد حسن باشا من قبرص بهمة قوية، وأخرج الجزار من بيروت، وهو مقهور ممقوت، ووعد الأمير أنه سيعزله وعاد إلى القسطنطينية، وسار الجزار بعسكره براً إلى صيدا وعساكره ستمائة من الشجعان اللاوندية، فأرسل الأمير النكدية يكمنون لهم في الطريق، ولما التقى العسكران قتل أصحاب الجزار أكثر النكدية وضيقوا عليهم أشد التضييق، وقبض على بعض أعيانهم، وجعل الموت نصب عيانهم، فجعل الأمير يعتذر للجزار، ويستشفع في إطلاق جماعته على مائة ألف قرش وتخليصهم من الدمار، ولما طلب الأمير المال