في الإفادة والإفتاء والإلقاء، إلى أن مرض وتوفي يوم الأربعاء الحادي والعشرين من شهر بيع الثاني سنة ثلاثين ومائتين وألف، وصلي عليه في الأزهر في مشهد حافل أنور، ودفن في تربة المجاورين في المدفن الذي بداخل المحل الذي يسمى بالطاولية، وقام بمؤنة تكفينه وتجهيزه ومصاريف جنازته ومدفنه السيد محمد المحروقي، وكذلك مصاريف منزله في ثلاثة أيامه، وأرسل من قيده لذلك من أتباعه بإدارة المطبخ ولوازمه من الأغنام والسمن والأرز والعسل والحطب والفحم، وجميع ما يحتاجون إليه للمقرئين والمعزين وغير ذلك مما يحتاج إليه. وقد رثاه عمدة الأخيار الشيخ حسن العطار رحمه الله تعالى بقوله:
أحادث دهر قد ألم فأوجعا ... وحل بنادي جمعنا فتصدعا
لقد صال فينا البين أعظم صولة ... فلم يخل من وقع المصيبة موضعا
وجاءت خطوب الدهر تترى فكلما ... مضى حادث يعقبه آخر مسرعا
وحل بنا ما لم نكن في حسابه ... من الدهر ما أبكى العيون وأفزعا
خطوب زمان لو تمادى أقلها ... بشامخ رضوى أو ثبير تضعضعا
وأصبح شأن الناس ما بين عائد ... مريضاً وثان للحبيب مشيعا
لقد كان روض العيش بالأمن يانعاً ... فأضحى هشيماً ظله متقشعا
أيحسن أن لا يبذل الشخص مهجة ... ويبكي دماً إن أفنت العين أدمعا
وقد سار بالأحباب في حين غفلة ... سرير المنايا عاجلاً متسرعا
وفي كل يوم روعة بعد روعة ... فلله ما قاسى الفؤاد وروعا
عزاء بني الدنيا بفقد أئمة ... لكأس مرير الموت كل تجرعا
يميناً لقد جل المصاب بشيخنا ال ... دسوقي وعاد القلب بالهم مترعا
وسابت قلوب لا مفارق عندما ... تنكرت الأسماع صوت الذي نعا
فللناس عذر في البكاء وللأسى ... عليه وأما في السواء فتجزعا
وكيف وقد ماتت علوم بفقده ... لقد كان فيها جهبذياً سميذعا