مكان حصارهم واقتحموا العساكر العثمانية والإنكليزية والفرنساوية، ودارت بينهم معركة شديدة الخسران على الفريقين، وانجلت بانهزام الروسية وألزموهم حصن يكن حينئذ في قوة الدول المتحدة الاستيلاء على سيواسطبول مع أنهم كانوا يزيدون في قوتهم الحربية ويكثرون هجماتهم وقنابرهم، ولم يقدروا على استخلاص تلك القلعة أو أن يمنعوا المساعدات التي كانت تأتيها من داخل البلاد، ولقد قاست العساكر المتحدة لا سيما الإنكليز في شتاء سنة إحدى وسبعين وشتاء اثنتين وسبعين أهوالاً وشدائد يكل اللسان عن وصفها وتعدادها، فإن الأمراض والأوجاع قد أخذت في العساكر كل مأخذ، وأهكلت كثيراً منهم فضلاً عن الجوع والتعرض لبرد تلك البلاد، والأبخرة المنتنة التي كانت تتصاعد من جثث القتلى والحيوانات. أما إيطاليا فقد هيأت جنودها للحرب وانضمت إلى الدول المتحدة، فأرسلت خمسة عشر ألف مقاتل بعدما تعهدت لها إنكلترا بدفع مبلغ مليون ليرة على سبيل الإعانة واشتهرت رجالها في تلك المجامع بالشجاعة والثبات، وفي خلال ذلك هلك الإمبراطور نقولا سنة اثنتين وسبعين ومائتين وألف، وجلس ولده إسكندر الثاني مكانه، وفي خلال ذلك وقعت وقعة هائلة بين الروسية والعساكر المتحدة، كانت الدائرة فيها على الروسية، واستولت جيوش فرانسا على قلعة ملاكوف، وإذ لم يبق للروسية استطاعة على حفظ مراكزهم تركوا سيواسطبول في مساء ذلك النهار، وعولوا على الهزيمة والفرار، ودخلت العساكر المتحدة إلى القلعة وامتلكتها، فانفتحت حينئذ مخابرات الصلح، وعقدت جمعية في باريز سنة ثلاث وسبعين ومائتين وألف حضرها اثنان من طرف كل دولة من الدول الست المتحاربة، وهي إنكلترا وفرانسا والعثمانية والنمساوية وروسيا وسردانيا، وأمضت شروط الصلح متضمنة أربعة وثلاثين بنداً أخصها أن الدولة العلية يكون لها الامتيازات التي لباقي دول أوروبا من جهة القوانين والتنظيمات السياسية، وأنها تكون