والمنطق وبقية الفنون بهمة متعالية، ولازم الشيخ علي الطحان والشيخ مصطفى المرحومي وغيرهما حتى مهر، وتاه به عصره وافتخر، وكان يباحث ويجادل، ويناقش في مشكلات المسائل. ويورد من الأبحاث العقلية، ونوادر الفروع النقلية، ما يشهد له بكمال علمه، وتمام فهمه، وقرأ العروض والقوافي وأحسن النثر والنظام، وحكى شعره بدائع أبي الطيب المتنبي ونوابغ أبي تمام، وكان فيه نوع من اللهو والخلاعة، وأشعاره لها ميل إلى البلاغة والبراعة، وله تخميس على البردة ومن قوله:
نظرت إلى حبي وكنت مفلساً ... فلم أر فيه للفلوس سوى السوى
فقلت له أين الدراهم قال لي ... على أنني راض بأن أحمل الهوى
ومن نظمه تشطير البيتين لعثمان الشمس وهما:
وأغيد لؤلؤي الجسم ذي هيف ... بوجنة أشرقت منها الفؤاد صبا
البدر طرته والغصن قامته ... متمم الحسن فيه كم أرى عجبا
كأنما خاله من نار وجنته ... قد زاد حسناً ومن أعلى الخدود ربا
وحين خاف اللظى في الخد يحرقه ... انقض يرشف شهداً جاوز الشنبا
وله رحمه الله تعالى:
ليس لي في القريض يا قوم رغبة ... بعد هذا الذي كساني رعبه
أشهد الله أنني تبت عنه ... توبة حرمت علي المحبه
حيثما فيه شعر نائب قاض ... ابعد الناس بالفصاحة نسبه
كان فيه جزاؤه صفع وجه ... أو قفاء أو كان قتلاً بحربه
لا جزاء الإله في الناس خيراً ... لا ولا فرج المهيمن كربه
حيث أهدى إلى البرية داء ... مستمراً أعيا فحول الأطبه
يا عديم الآراء ما أنت إلا ... آدمي بؤرية البغل أشبه
كيفما تدعي الفصاحة جهلاً ... أو ما تدر أنها دار غربه
عش جهولاً ومت بجهلك حتفاً ... يا خبيثاً بأخبث الأرض تربه