وفي التاسع والعشرين من المحرم قدموا إلى مصر فاستقبلهم عسكر مصر عند الرحمانية وهزموا إلى الجيزة، والتقوا عند بشقيل وحصلت مقتلة عظيمة، وقدر الله أن المسلمين هزموا ففر مراد بك ومن معه إلى الصعيد، وفر إبراهيم بك ومن معه في البر الشرقي إلى الشام، وقيل لم يقع قتال كثير وإنما هي مناوشة من طلائع العسكر بحيث لم يقتل إلا القليل من الفريقين، وكانت مراكب في البحر لمراد بك فاحترقت بما فيها من الجبخانه والآلات الحربية، واحترق بها رئيس الطبجية، واحترق من فيها من المحاربين، فلما عاين ذلك مراد بك دخله الرعب وولى منهزماً، وترك الأثقال والمدافع التي في البر، وتبعته العساكر، وركب إبراهيم بك إلى ساحل بولاق طرف البر الشرقي، ورجع الناس منهزمين طالبين مصر، فاجتمع الباشا والعلماء ورؤوس الناس يتشاورون في هذا الحادث العظيم، فاتفق رأيهم على عمل متاريس من بولاق إلى شبرا، ويتولى افقامة ببولاق إبراهيم بك وكشافه ومماليكه، وقد كانت العلماء عند ابتداء هذا الحادث تجتمع بالأزهر كل يوم ويقرؤون البخاي وغيره من الدعوات، وكذلك مشايخ الطرائق وأتباعهم، وكذا أطفال المكاتب، ويذكرون الاسم اللطيف وغيره من الأسماء. ويوم الاثنين حضر مراد بك إلى بر امبابه وشرع في عمل متاريس هناك ممتدة إلى بشقيل، وتولى ذلك هو وصناجقه وأمراؤه، وكان معه في ذلك علي باشا الطرابلسي ونصوح باشا، وأحضروا المراكب الكبار والغلايين التي أنشأها بالجيزة وأوقفها على ساحل أمبابه، وشحنها بالعساكر والمدافع والمتاريس والخيالة والمشاة، ومع ذلك فقلوب الأمراء لم تطمئن بذلك، فإنهم من وصول الخبر الأول لهمم من الاسكندرية شرعوا في نقل أمتعتهم من البيوت الكبار المشهورة المعروفة، إلى البيوت الصغار التي لا يعرفها أحد، واستمروا طول الليالي ينقلون الأمتعة ويوزعونها عند معارفهم وثقاتهم، وأرسلوا البعض منها لبلاد الأرياف، وأخذوا أيضاً في تشهيل الأحمال واستحضار دواب للشيل