ولد المترجم بمكة سنة أربع وثلاثين ومائة وألف، وقدم إلى مصر مع أبيه وأخيه السيد حسن سنة إحدى وسبعين ومائة، فليلة وصولهم مرض أخوه المذكور وتوفي صبح ثالث يوم، فجزع والده لذلك جزعاً شديداً وتشاءم، وعزم على السفر إلى مكة ثانياً، ولم يتيسر له ذلك إلا أواخر شوال من السنة المذكورة، وبقي المترجم واشتغل بتحصيل العلوم وشراء الكتب النافعة واستكتابها، ومشاركة أشياخ العصر في الإفادة والاستفادة، مع مباشرة شغل تجارتهم من بيع الإرساليات التي ترد إليه من أولاد أخيه من جدة ومكة، وشراء ما يشتري وإرساله لهم، إلى أن تمرض وانقطع ببيته الذي بخطة عابدين قريباً من الأستاذ الحنفي، سنة تسع ومائتين. وكان عالماً ماهراً وأديباً ناثراً شاعراً، تخرج على والده وعلى غيره بمكة، وعلى كثير من أشياخ العصر المتقدمين، كالشيخ العشماوي والشيخ الحفني والشيخ العدوي وغيرهم، وتخرج في الأدب على والده وعلى الشيخ علي بن تاج الدين المسكي وعلى الشيخ عبد الله الأتكاوي وغيرهم.
وله مؤلفات: منها نفح الأكمام على منظومته في علم الكلام، ومنها تقريره على الرملي وهو مجلد ضخم، ومنها شرح بديعيته التي سماها مراقي الفرج في مدح عالي الدرج، وله ديوان شعر صغير غالبه جيد وكان في مدة انقطاعه لا يشتغل بغير المطالعة وتحصيل الكتب الغريبة، وقيد ولده السيد سلامة بأشغال تجارتهم، وولده السيد أحمد بملازمته واستماعه فيما يريد مطالعته، وكانت داره في غالب الأوقات لا تخلو من المترددين، إلى أن توفي ليلة السابع والعشرين من رجب سنة إحدى وعشرين ومائتين وألف، وعمره سبع وثمانون سنة وصلي عليه في الأزهر ودفن بمقبرة أخيه بباب الوزير، وتأسف عليه الناس لكرمه وعلمه وزهده وورعه ولين جانبه ولطافته وكثرة حب الناس له، رحمة الله عليه.