من أحفاد القابودان الأسبق المرحوم سليمان باشا المعظم، وإن والدته هي المصونة فاطمة خانم بنت الحاج عمر أفندي المفتي المكرم. فلم تزل التربية في حجور السمو ترقيه ترقية الذهب الإبريز، وتربيه تربية النمو إلى أن زكا إدراكه وبلغ سن التمييز، فنهج على قدم الهمة منهج التقديم، وقرأ على شيخه محمود أفندي كتاب الله العظيم، ثم حضر على الحاج علي أفندي العلائيه لي، مقداراً من علم الصرف، باذلاً همته في الطلب حتى كأنه لم يغمض له خوف التقصير طرف:
تكهل في علم العلا وهو يافع ... وجاز بلوغ الرشد وهو رشيد
وأفصح عن فصل الخطاب بمنطق ... لديه لبيد ضارع وبليد
وفي آخر سنة ألف ومائتين وثلاث وخمسين غرة رجب، قدم به المرحوم والده إلى دار السعادة لأجل التحصيل والطلب، فوضعه في مدرسة الطب من مدارس حضرة المرحوم السلطان سليمان، عليه أكمل الرحمة وأتم الرضوان، عند خاله أبي بكر أفندي عليه رحمة المعيد المبدي، ثم رجع والده إلى دار إقامته وترك المترجم في دار السعادة ليفوز بسعادته، ففي السنة المذكور في غرة شوال، ابتدأ في قراءة الصرف وعلم الحال، على الحاج مصطفى أفندي القسطموني الهمام، وكان في كل فن إماماً وأي إمام! فاستعمل لعظيم المجد همته الكبرى، وأدرك في جده واجتهاده الأنجم الزهرا:
ومن يسعى إلى طلب المعالي ... فلا عجب إذا ركب البحارا
وفي سنة ألف ومائتين وأربع وستين، من هجرة رسول الأنبياء ونبي المرسلين، أيام شيخه شيخ الإسلام وعمدة السادة وإمام الأنام، حبر الأفاضل وبحر الفضائل، عارف حكمت بك قد فتح للتلامذة باب الامتحان، في مدرسة مولانا المرحوم السلطان بايزيد خان، فكان له في ذلك