للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حديقة وأي حديقة، مع أخلاق لو مزج بها البحر لطابت عذوبته، ولطافة لو توجهت على الصخر لظهر ليونته، وشيم هي في المكارم غرر وأوضاح وهمم كادت أن تتناول بساعد سموها البدر الوضاح. وكان ولوعاً بالمحادثة والمذاكرة، مطبوعاً على شغل المجالس بالمحاضرة، كثير السياحة والجولان، في الأمصار والبلدان، وقد أخذ عن عدة أفاضل ما منهم إلا من سما وترقى في الفضائل، من دمشقيين ومصريين. ومدنيين ومكيين، وغيرهم من فرس وأغوان وأتراك وداغستان. وكلهم أجازوه وشهدوا بفضله وذكائه ونباهته ونبله، غير أن عبارته كانت أحسن من كتابته وإن كان كل منهما دالاً على فضالته.

وله عدة تصانيف وجملة تآليف، قد شرح الفصوص شرحاً غير مغموص، وله رد متين على منتقص العارف محي الدين، وله عدة رسائل هي للمقصود من أعظم الوسائل.

وكان حسن الصورة والكلام لا يمله جليسه مدى الأيام، وله شجاعة مشهورة وجسارة على المدح مقصورة. قد لازمه في آخر عمره المرض وجعله لسهامه الصائبة كالغرض، ولم يزل ملازماً له حتى وافاه حمامه، وترنم على أفنان الجنان حمامه. وذلك عام ألف وثلاثمائة وثمانية من الهجرة الشريفة السامية، بلغ من العمر نحو السبعين، رحمه الله وبلغه مرامه ومناه.

<<  <   >  >>