للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القلعة ويجمع العساكر، ثم جمع أعيان البلد وذكر لهم أمر الصليان، فأطاعوه بعد تمهيد العوام وتخويفهم من مخالفة أمر السلطان لكونه محتاجاً إلى جمع المال بسبب ما حصل له في العام الماضي من قتاله مع المسكوب، ووصولهم إلى قرب اسلانبول، وأخذهم كثيراً من بلاد الإسلام، وصلحه معهم على أن يدفع لهم أموالاً بليغة، مما يطول شرحه فأطاع غالب أهل البلد، فخرج جماعة من أتباع الباشا مع كتبة في نهار الجمعة التاسع من ربيع الثاني سنة ألف ومائتين وأربعين، وصاروا يكتبون عدة الحوانيت حتى وصلوا إلى محلة العمارة والعقيبة بعد العصر، فقام جماعة من الأسفاه فأغلقوا الحوانيت وقالوا هذه جزية ونحن لا نقبلها، وقفلوا حوانيتهم، وكان ذلك سبب الفتنة. فلما سمع الباشا بذلك وكان رجلاً أحمق سفاكاً للدماء ليس له تبصرة في الأمور، أمر في الحال بجمع العساكر وغلق أبواب القلعة، وصار يضرب المدافع على البلد، وغالب أعيان هذا البلد عنده، فطلبوا منه التؤدة في الأمر وإنهم يظفرونه بمن خالف أمره، فلم يقبل منهم حتى خرج العسكر يوم السبت من السرايا، وتغلبوا على بيوت القنوات الجوانية وجامع العداس ونهبوها، وصاروا يطلقون الرصاص على الناس من البيوت. وفي ليلة الأحد صار يضرب المدافع والقنابل على البلد، فاجتمع أهل البلد وأشقياؤهم وحاصروه في السرايا إلى بعد العصر، فاستعان أهل البلد بحرق المواضع التي تغلب عليها العسكر، وتوصلوا إلى السرايا، فلما تيقن أنه مأخوذ لا محالة، خرج بعد المغرب ليلة الاثنين من السرايا مع العسكر، وأحرق سوق الجديد وسوق الأروام، حتى وصل الحريق إلى قريب من ضريح سيدي خليل، ودخل هو مع بعض العسكر إلى

<<  <   >  >>