متن الشيخ خليل في مذهب الإمام مالك وقرأ بعض شروحه، وبعدها توجه إلى قسنطينة سنة ألف ومائتين واثنتين وأربعين، وهي بلدة عظيمة بينها وبين مدينة الجزائر نحو خمس مراحل لطلب العلوم التي ترام، والأخذ عن علمائها الأعلام، وفي سنة ألف ومائتين وست وأربعين رجع إلى الوطن، واشتغل بنشر العلوم وفصل القضايا بين الناس، كما كان ذلك دأب والده قدس الله سره.
وفي سنة اثنتين وخمسين توجه إلى أداء فريضة الحج الشريف، وجاور في المدينة المنورة سنتين، ثم قدم إلى مصر القاهرة للمجاورة في جامعها الأزهر، فأخذ عن أكابر علمائها المحققين كشيخ الإسلام العلامة الشيخ إبراهيم الباجوري والشيخ محمد عليش المالكي والشيخ السقا والشيخ المبلط وغيرهم، وأجازه كل منهم بما حواه ثبت الشيخ محمد الأمير أو صحت له روايته عن غيره إجازة عامة، وفي عام ثمانية وستين قصد دمشق الشام وجعلها له دار مقام، وعكف على التدريس في مدرسة دار الحديث، في المنقول والمعقول، وتصدر للإفتاء، وفصل القضايا بين المهاجرين من المغاربة بأمر سيدنا المرحوم الأمير السيد عبد القادر الحسني، وكان من قبل قد أخذ الطريق الخلوتية، وصاحب جملة من أهل الله تعالى منهم المرحوم سيدي علي بن عيسى البكري الخلوتي في بلاد الغرب، ولما توجه إلى مكة المشرفة تلقن الطريقة السنوسية الإدريسية على سيدي الشيخ محمد السنوسي، وفي الديار الشامية لازم سيدي الشيخ محمد المبارك البكري الخلوتي، حتى توفي قدس الله سره العزيز، ثم اشتغل بالطريقة الشاذلية وصحب بعض أهلها كالأمير السيد عبد القادر الجزائري، ولم يصده الاشتغال بالعلم الظاهر عن المجاهدة في علم الله تعالى، وكان لي معه حضور واجتماع، ومذاكرة وملاطفة وعشرة قوية، ومحبة كثيرة وتودد غزير، وكان عابداً صالحاً تقياً فالحاً، مكباً على العلم والعمل، وكان مقيماً في مدرسة دار الحديث في العصرونية من