دار السعادة اسلانبول المحمية، وكان قدومه إليها سنة اثنتين وثلاثمائة وألف هجرية، فاجتمع بساداتها الأفاضل، وتحلى بها مما رامه من أنواع الفضائل، ثم رحل إلى مصر، ومنها إلى حضرموت؛ ولبيته في تلك الناحية شهرة جليلة، وله تآليف مفيدة، منها كتاب رشفة الصادي من بحر فضائل بني النبي الهادي، وله شعر عذب رشيق، يتنوع برياض أساليبه كل معنى أنيق، وكانت ولادته في حدود الخمسين والمائتين والألف تقريباً، أحياه الله الحياة الطيبة، وأحسن إليه بكل طاعة من جنابه الشريف مقربة، ومن نظمه مشطراً قصيدة الأستاذ ابن بنت الميلق الشاذلي مادحاً حضرة الغوث الرفاعي قدس سره، وهي قصيدة صوفية طويلة جداً، أولها:
من ذاق طعم شراب القوم يدريه ... ولم يروق رحيقاً غير صافيه
ومنها:
إن المريد مراد والمحب هو ... المبدو بالحب من ذي العرش هاديه
فهو المراد المهنى في الحقيقة والمحبوب ... فاستمل هذا من أماليه
إن كان يرضاك عبداً أنت تعبده ... ملاحظاً نفي تمثيل وتشبيه
وإن أقامك في حال فقف أدباً ... وإن دعاك مع التمكين تأتيه
فيفتح الباب إكراماً على عجل ... باب المواهب بشرى من يوافيه
تضحي وتمسي عزيزاً في ضيافته ... ويرفع الحجب كشفاً عن تنائيه
وثم تعرف ما قد كنت تجهله ... ويصطفيك لأمر لا ترجيه