وقد مدحه أديب عصره ولبيب إقليمه ومصره، عبد الباقي أفندي الفاروقي العمري حينما شرف المترجم إلى بغداد قاضياً فقال: لما شرف من دمشق الشام إلى دار السلام، جناب قاضيها السيد المولى محمد أفندي جامع أشتات الفضائل وابن جابيها، وذلك بواسطة مشيرها وواليها، وبالإشارة العلية من حضرة شيخ ملة الإسلام ومفتيها، واستبشرت بمبارك قدومه أهالي الزوراء قاصيها ودانيها، وقصدته مصاقع شعراء العراق بقصائدها المشحونة بتهانيها، قلت مهنئاً ومؤرخاً عام تشريفه بغداد وحلول ركابه بناديها، بهذه القصيدة المزرية بتأليف جواهرها وتنظيمات لئاليها، مرصعاً مصارعها بنعت ولي نعم هذه الأمم ومولى مواليها. شاكراً من تلك الأيدي على هذه النعمة فضل أياديها، فقال:
ظهر الدين طالعاً من أكنه ... كهلال عنه أميطت دجنه
وحمدنا عند الصباح سراه ... حيث قد جاء مطلقاً للأعنه
ونفى الجور عدل قاض بحق ... وقع آرائه كوقع الأسنه
ولأهل الزوراء من غير زور ... كم وكم منحة أتت إثر محنه
فأذاقت قطر العراق على مر ... الليالي أحلى من المن منه
وقضت حاجة ليعقوب كانت ... من قديم بنفسه مستجنه
بقضاء المولى محمد هذا ال ... عصر لما لربه بث حزنه
وشقيق النعمان جاء من الشا ... م فخلناه شامة فوق وجنه
وإذا جاء الحق من بعد يأس ... ذهب الباطل المورث هجنه
يا لندب رد الشريعة بكراً ... فغدت شبة وكانت مسنه
جبر الكسر من قلوب اليتامى ... فهي لم تخش بعد ذلك وهنه
وقد انتاش الشرع شرع أبيه ... من يدي هاتك من الشرع صونه
ثاقب رأيه بنصل حجاه ... شاهد الزور ليس يأمن طعنه
غوث أهل الكمال بل هو غيث ... كم بيوم النوال جاد بمزنه