لمكانه، حتى نادته هواتف العنايات بلطائف الإشارات، وطابت سريرته واستنارت بصيرته، وتخلى من أوحاله وتحلى بجميل أحواله، فأخذ الطريقة البكرية الخلوتية عن صاحب المآثر الأحمدية، المرشد الكامل والولي الفاضل، سيدي الشيخ علي بن عيسى، ولازم المجاهدة مدة على يده، فلما دنت وفاته أوصى به خليفته الأكبر سيدي الشيخ محمد المهدي السكلاوي، فتولى تربيته، حتى فتح الله عليه فاشتغل بالإرشاد ونفع العباد، وشهر الطريقة وشيد معالمها ونهج منهج الحقيقة وأرشد إليها رائمها، حتى سار صيته في الأقطار وقصدته الناس من صغار وكبار، فبذل في نصح الخلق همته وأحسن لهم نيته، وجمعهم على الملك الحق وسلك بهم مسلك الصدق، وتخرج على يده عدد كثير ووصل إلى مقصوده من لاحظته عين عناية اللطيف الخبير، وسمعت من كثير ممن كان له تردد إليه، أن طائفة من الجن أخذوا عنه واهتدوا على يديه، وكانوا يتلقون من حكمه ومعارفه ويأخذون عنه معالي نصائحه ولطائفه، وكان له في السخاء والكرم والعطاء، اليد الطولى والقدح المعلى، يعطي قاصده العطاء الجزيل ويغمر بوافر فضله ومديد إحسانه الوارد والنزيل، ينفق دائماً على جماعته المتجردين ويحسن إلى الفقراء والمساكين، منزله مأوى لليتامى والأرامل، تلتمس فيه أنواع الفضائل والفواضل.
ولما قصدت الأمة الفرانساوية بلاد الجزائر جمع جموعاً من العباد وسار