فدكها دكة أي دكة، وسبب ذلك أن عبد الله باشا وقعت بينه وبين محمد علي باشا عداوة كلية، بسبب أنه خابره بتسليمه بلاد الشام فلم يجبه إلى هذه الأمنية، وكانت وقعة الشام مع سليم باشا آنفة الوقوع، والأفكار تحكم بأن الجزاء مقطوع به لا ممنوع، فلما سمع السلطان بعداوة عبد الله باشا مع محمد علي باشا أشفق من اتحاد الشام مع الخديوي المرقوم، فأرسل للعفو عن الشام أجل مرسوم، ووجه والياً يسمى علي باشا إلى الشام، لمداركة الأمر بغاية الاهتمام، فأرسل محمد علي باشا إلى السلطان شكاية على عبد الله باشا تطعن بعظيم شانه لعله يعزله ويجعله في مكانه، فيصل إلى مطلوبه، ويحصل من غير ضرر على مرغوبه، غير أن السلطان لم يجبه إلى مراده، ولم يوصله إلى ما تأمله في اجتهاده، فجمع إبراهيم باشا الجموع الكثيرة، وتغلب على غالب البلاد الشامية الشهيرة التي تحت ولاية عبد الله باشا كغزة والرملة والقدس والخليل ونابلس وبلاد الساحل، وحصن قلعة طرابلس وساعده أمير جبل الدروز الأمير بشير ورؤساء جبل نابلس، لكون عبد الله باشا في العام الماضي حاصر قلعة سينور وهدمها وحصل منه ضرر لأهل نابلس وكان ذلك من أسباب الغلاء الذي وقع في البلاد الشامية، فأرسل حضرة السلطان إلى والي مصر يأمره برفع عساكره عن عكا، فامتنع، فأمر السلطان بجمع العساكر العثمانية وأمر والي حلب بالتوجه إلى مساعدة عبد الله باشا، واستمر العسكر المصري يضارب عكة بحرب لم يسمع بمثله، وقد ورد كتاب من والي عكة إلى بعض أعيان دمشق يقول فيه: إن نارهم بالمدافع والقنابر لا تفتر دقيقة واحدة وإنهم يضربون اثنين وعشرين مدفعاً بفتيل واحد، وإنهم في سادس شوال اقتحموا على عكة ودخلوا من الجهات التي خربوها من السور فخرج إليهم عسكر عكة وضاربوهم بالسيوف ومن فوق السور بالمدافع والقنابر حتى أهلكوا غالب من اقتحم وامتلأ وجه الأرض من قتلاهم فانهزموا خائبين؛