المصرية سير رشيد باشا الصدر الأعظم بالجيوش لحربهم، فتقدم قونية، والتقى الجيشان واشتبك القتال، وانهزمت عساكر الدولة وقبض على رشيد باشا الصدر الأعظم، وأتي به إلى إبراهيم، فقابله بكل إكرام ثم خلى سبيله، وامتدت هذه الفتنة والحروب إلى سنة خمس وخمسين ومائتين وألف، ثم صدرت الأوامر السلطانية إلى حافظ باشا ليسير لمحاربة إبراهيم باشا، فالتقى الجيشان بالقرب من مرعش واقتتلا، ووقعت الهزيمة أولاً على عساكر إبراهيم باشا، وكان في واد عسر فجمع العساكر وخرج بهم من ذلك الوادي، وصعد إلى تل كان تجاه معسكر حافظ باشا، وأخذ يطلق عليهم المدافع فعطل أكثر مدافعهم وفرق صفوفهم، ثم هجم عليهم بعساكره هجمة هائلة، فانهزموا أمامه تاركين مدافعهم ومهماتهم عائدين إلى مرعش، وقتل من الفريقين خلق كثير، وهذه الوقعة من أشهر تلك الوقائع التي وقعت في تلك الحروب، وأعقبها إبراهيم باشا بفتح أكثر الجهات في تلك البلاد، ولم تصل أخبارها إلى القسطنطينية إلا بعد وفاة السلطان محمود بثمانية أيام، ومن فتوحاته المعنوية اعتناؤه بأهل الحرمين كمال الاعتناء، فإنه صدرت الإرادة الشاهانية من دولته بتحرير ما كان يصرف لهم من قمح الجراية، فوجدوا أكثر ذلك بيد الأغنياء والتجار كانوا يأخذونه من الفقراء بالفراغ بعوض حقير، فصار الفقراء ليس لهم شيء، فصدر الأمر الشاهاني بنقض ذلك وإبطاله، وتجديد كتابة دفتر بأسماء المستحقين، فحصل تجديد ذلك في المدة التي كان فيها محمد علي باشا بمكة.
ومن خيراته وفتوحاته المعنوية أنه جدد لأهل الحرمين خيرات ومرتبات زيادة على الذي كان مرتباً لهم من أسلافه، وذلك أنه في سنة إحدى