مذكور، قد استفاد وأفاد وأعاد فأجاد، فهو من أناس حمدوا سعياً، ومن غرر راقت بهم وجوه الدنيا، وهو من عيون أهل السليمانية الأكراد وساداتهم الأمجاد، الذين تحلوا بحلي الشرف، وأبرزوا في دروسهم الطرف، وأشار إليهم الفضل ببنانه وضم عليهم بأجفانه، فهو لا شك من أقمار تلك البلدة، ومن أبحرها بما ألقاه وأمده، وإن لم يشن الجزر مده، فلله فاضل كساه الفضل برده، ولطيف عباراته ألطف من الشمول، وعفيف على أوصافه يشرق القبول، وتقي سارت محاسنه، وعزت به مواطنه:
يا طالباً تحف للعلوم عليك ما ... يرويه محمود من الآثار
كم جوهر أبدى بحلقة درسه ... ترويه عنه عواطل الأفكار
عيناً لآثار النبي وجدته ... أو ما تراه كل يوم جار
عانى العلوم الرسمية طفلا، فقالت له أهلاً وسهلاً، وناشدته المحافل بالآثار الحميدة، فوضع في جيدها كل فريدة، وجلا فيها من العلوم كل خريدة، وكان قد نادته السعادة فأجابها وماء صباه غريض، وروض قوته بالأنس أريض، وأنشدها من بنات أفكاره ما هو السبر لعلو اعتباره:
يا علوماً وافيتها وشبابي ... ما نضاه عن كاهلي الملوان
لك طرفي مرأى وقلبي مرعى ... ما تسامى من ذينك النيران
فما زال يقيد بالجوهر الفريد، ويظهر كل كمال ويحض الناس على طريق الجمال، ويأمر بالتقوى والعبادة، والعفة والزهادة، إلى أن حال حين وفاته ودعته المنية لمماته، وذلك في عام ألف ومائتين واثني عشر من هجرة سيد البشر.