للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكرج، فانجذبت قلوبهم إليه وتناقلوا خبره وحديثه، ثم شرع في إملاء الحديث على طريق السلف في ذكر الأسانيد والرواة والمخرجين من حفظه على طرق مختلفة، وكل من قدم عليه يملي عليه الحديث المسلسل بالأولية، وهو حديث الرحمة برواته ومخرجيه، ويكتب له سنداً بذلك وإجازة وسماع الحاضرين فيعجبون من ذلك، ثم إن بعض علماء الأزهر ذهبوا إليه وطلبوا منه إجازة، فقال لهم لا بد من قراءة أوائل الكتب، واتفقوا على الاجتماع بجامع شيخون بالصليبة الاثنين والخميس تباعداً عن الناس، فشرعوا في صحيح البخاري بقراءة السيد حسين الشيخوني، واجتمع عليهم بعض أهل الخطة والشيخ موسى الشيخوني إمام المسجد وخازن الكتب، وهو رجل كبير معتبر عند أهل الخطة وغيرها، وتناقل في الناس سعي علماء الأزهر مثل الشيخ أحمد السجاعي والشيخ مصطفى الطائي والشيخ سليمان الأكراشي وغيرهم للأخذ عنه، فازداد شأنه وعظم قدره، واجتمع عليه أهل تلك النواحي وغيرها من العامة والأكابر والأعيان، والتمسوا منه تبيين المعاني، فانتقل من الرواية عن الدراية، وصار درساً عظيماً، فعند ذلك انقطع عن حضوره أكثر الأزهرية، وقد استغنى عنهم هو أيضاً، وصار يملي على الجماعة بعد قراءة شيء من الصحيح حديثاً من المسلسلات أو فضائل الأعمال، ويسرد رجال سنده ورواته من حفظه، ويتبعه بأبيات من الشعر كذلك، فيتعجبون من ذلك لكونهم لم يعهدوها فيما سبق في المدرسين المصريين، وافتتح درساً آخر في مسجد الحنفي وقرأ الشمائل في غير الأيام المعهودة بعد العصر، فازدادت شهرته، وأقبلت الناس من كل ناحية لسماعه ومشاهدة ذاته، لكونها على خلاف هيئة المصريين وزيهم. ودعاه كثير من الأعيان إلى بيوتهم وعملوا من أجله ولائم فاخرة، فيذهب إليهم مع خواص الطلبة والمقرئ والمستملي، وكاتب الأسماء فيقرأ لهم شيئاً من الأجزاء الحديثية، كثلاثيات البخاري أو الدارمي أو بعض المسلسلات بحضور الجماعة وصاحب المنزل وأصحابه وأحبابه وأولاده، وبناته ونسائه من خلف الستائر، وبين

<<  <   >  >>