هذا البيت كمالاً وقدراً، وعلا منقبة وذكراً، ولا ريب أن هذا المترجم كان على طريقة آبائه الكرام، وأصوله السادة العلماء الأعلام، ولد سنة الف ومايتين وست وثلاثين، وحضر دروس والده وغيره من العلماء الأفاضل، وقرأ على والدي الشيخ حسن البيطار مدة في الحديث وغيره من الوسائل، واستجازه به وببقية العلوم فأجازه إجازة عامة، وكان له من والدي المحبة والرعاية التامة، حيث أنه تلميذه وابن أستاذه، ونجل شيخه وعمدته وملاذه، وكان للمترجم عز وجاه، وصولة قد رفعت بين الناس رتبته وعلاه، إلى أن صار مقصوداً في الحوائج، معدوداً للمهمات من أعظم المناهج، قد أحبه الولاة والحكام، ورفعوا قدره على كاهل الاحترام، وأقبل الناس من كل جانب عليه، حتى كادوا لا يجنحون إلا إليه، ولذلك كان جاهه لعلمه ساتراً، ولتقدمه على أضداده ناصراً، لأن دائرة اشتهاره كانت أوسع من دائرة علمه، ودائرة قاصديه وأنصاره قد زادت على دائرة فهمه، وبعد موت أخيه الشيخ عبد الله سنة خمس وستين ومائتين وألف جلس مكان أخيه تحت قبة النسر، لقراءة صحيح البخاري كل يوم بعد العصر، واستمرت فيه هذه العادة إلى الآن في شهر رجب وشعبان ورمضان. ذكر المحبي في خلال ترجمة الإمام المحاسني أحد مدرسي هذه البقعة أن هذا الدرس وظيفة حادثة بعد الخمسين وألف رتبها بهرام آغا كتخدا والدة السلطان إبراهيم؛ وبنى السوق الجديد والخان قرب باب الجابية لأجلها، وعين للمدرس ستين قرشاً وللمعيد ثلاثين، ولقارىء العشر عشرة قروش اه. اقول لعل هذا الخان هو الخان المسمى بالمرادانية، الذي خرقه الوزير مدحت باشا من جانبيه الشرقي