باشا إلى الجموع التي كانت مجتمعة في فسحة آت ميدان، وأخبروهم أن السلطان مصطفى قد وعد بإبطال ما كان مهتماً به السلطان سليم من وضع النظام الجديد وبإرجاع العوائد القديمة، فلما سمع الجميع هذا الحديث تفرقوا، وبعد أن جلس السلطان مصطفى على تخت السلطنة سلم زمام الأحكام بيد القائمقام كوسج موسى باشا والي المفتى شيخ الإسلام عطا الله أفندي، ولما بلغت هذه الأخبار الصدر الأعظم جلبي مصطفى باشا وكان رئيس الجيوش التي خرجت لقتال الروسية كما تقدم، حزن لذلك وغضب غضباً شديداً هو ومن معه من العساكر، وكان من جملتهم مصطفى باشا البيرقدار، فعقدوا صلحاً مع الروسية، ورجعوا بالعساكر ليتداركوا هذا الأمر، وأرسلوا لعساكر الانكشارية يقولون لهم نحن قادمون لنجدتهم وإتمام رغبتهم ليطمئنوا بذلك، وما دخلوا القسطنطينية إلا بعد مشاق، وأراد البيرقدار مصطفى باشا إرجاع السلطان سليم والقبض على السلطان مصطفى، وطلب من الصدر الأعظم المساعدة على ذلك، فأنكر عليه ذلك مبيناً سوء عواقب الأمور، فغضب البيرقدار غضباً شديداً، وأمر بحبسه وبلغ الخبر السلطان مصطفى فأرسل أناساً يقتلون السلطان سليم، فدخلوا عليه وهو يصلي صلاة العصر، فلم يمهلوه إلى أن يتم الصلاة بل وثبوا عليه وطرحوه إلى الأرض، فنهض حالاً عليهم كالأسد وصرعهم، وكان قوياً جداً، ثم تغلبوا عليه وخنقوه حتى مات، ورجعوا به إلى السلطان مصطفى مسرعين وطرحوه ميتاً أمامه، وكان ذلك سنة ثلاث وعشرين ومائتين وألف، وعمر السلطان سليم ثمان وأربعون سنة ثم أرسل أناساً وأمرهم بخنق أخيه السلطان محمود، وكان البيرقدار قد هجم بجماعة مسرعين لإنقاذ السلطان سليم فوجدوه قد مات، فاهتموا بأمر السلطان محمود، وقال لهم البيرقدار عليكم بنجاة السلطان محمود لأنه هو الوارث الوحيد لتخت السلطنة الباقي من سلالة آل عثمان، فأخذت العساكر تطلب