وقالوا سموم في المدينة محرق ... فقلت سمو بالمكارم مغدق
وقالوا بها حميًّ تذيب لحومنا ... فقلت حمىً عنا الجحيم تغلق
تذب لظى عنا وتكشف بأسنا ... محببة منا من الأم أشفق
وقالوا بها اللأوا فقلت هي الألى ... بصبر عليها بالشفاعة نطلق
وإن ضاقت الأحوال أو زاد سعرها ... فأنا لفي فضل الإله لأوثق
فندان، والله المهيمن كافل ... ونصبر والمولى يمن ويرزق
وإن أشكلت فينا أمور عظيمة ... فأنوار طه بالمواهب تشرق
فلا عجب تشتاقه النوق في الفلا ... تمد له أعناقها وهي تخفق
حبيب إله العرش موصل جوده ... وقاسم فيض الله إذ هو يطلق
فهل يشتكي ضيما منيخ ركابه ... بساحة بحر بالعطايا يدفق
عليه صلاة الله في كل لمحة ... وآل كرام أصلهم عنه ينطق
كذاك حماة الدين أصحابه ومن ... لآثارهم يقفو من الله يفرق
وله إذ ختم كتاب الشفاء، عند باب الوفود بروضة سيد الشفعاء:
كتاب جامع أشتات علم ... بأوصاف النبي هو الشفاء
فكم نور بدا منه فجلى ... ظلام الجهل وانكشف الغطاء
أفاض عياض فيه بحر فضل ... على ظمأ القلوب فزال داء
وكم يتلو علينا فيه آياً ... بنور ضيائها ملئ الفضاء
وكم أثر رواه لنا مبينا ... مناقب من سما وله ارتقاء
عليه صلاة ربي مع صلاة ... وتسليم به زاد العلاء
وجاد على عياض من نداه ... بوفر العفو يتلوه الرضاء
وعم بلطفه عبداً ضعيفاً ... بأبواب الوفود له التجاء
مع الأحباب والأصحاب طراً ... وقادهم إلى الحسنى ففاؤا
وكانت وفاته بعد العصر في خامس ذي الحجة الحرام سنة خمس ومائتين وألف، ودفن بمنزلة يقال لها السيل، فإنه ذهب إلى الطائف لزيارة سيدنا