وتبتسم ثغور الأماني من شمائل شموله، وتتنسم نسمات التهاني من إقباله وقبوله. وإسداء تحيات يعبق شذاها، ويشرف نورها وضياها، تفوق الشموس نوراً، وتروق الخواطر منها سرورا، نقدم ذلك ونهديه ونظهره ونبديه، لحضرة ذوي المهابة والفخار والعلو والاقتدار، الجامعين بين المتاجر والمفاخر، الحائزين لجمال الأول والآخر، القاطنين بخير البلاد، القائمين بمصالح العباد، مصابيح الدنيا وبهجتها، وكواكب البلاد وتحفتها، حماة حرم يجبى إليه الثمرات، وزينة محل تقضى به الحاجات، عين أعيان المكاسب والتجارة، وزين أبناء المطالب والإشارة، نعني بذلك فلاناً وفلانا، أسبغ الله عليهم سوابغ الإنعام، وأسبل عليهم حلل الجود والإكرام، وأصلح لهم الأحوال، وبلغهم الأماني والآمال، وبسط لهم الأرزاق، وحباهم بلطفه الخلاق. أما بعد بسط كف الرجاء، ومد سواعد القصد والالتجاء، بدعوات مقرونة بالإنابة، ليس لها حاجب عن أبواب الإجابة، فمما يعرض عليكم وينهى بعد السلام إليكم، أنه قد وصل إلينا رقيمكم المكنون المحتوي على الدر المصون، فشممنا منه نفحات مكية حرمية، ونسيمات سحرية بهية، فتعطرنا بطيب مسكها الأذفر، وتطيبنا بعبير عنبرها الأزهر. وذكرتم أنه بذلتم المجهود في طلب المقصود، إلى آخره.
وله غير ذلك كثير، وحاله وفضله شهير، ولم يزل يملي ويفيد ويقرر ويعيد، حتى قطفت يد الأجل نواره، وأطفأت رياح المنية أنواره. وذلك يوم الاثنين الرابع والعشرين من شهر ذي القعدة الحرام سنة ست عشرة ومائتين وألف، ورثاه الشيخ إسماعيل الزرقاني بقوله:
تداولت الأيام بالعسر واليسر ... وتلك شؤون الحق في مطلق الدهر
فكيف أرى قلبي على فقد ألفه ... حزيناً ودمع العين من فيضه يجري
فقال لنا في سيد الخلق أسوة ... فقد دمعت عيناه حزناً كما تدري
وهذا الذي أمسى حليف ضريحه ... إلى فضله تصبو الأنام مدى العمر