للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حسب المراد، ولم يزل على هذا الحال سالكاً مسلك الفضل والكمال، إلى أن توفي والده وذهب عنه مساعده، فاحتاج إلى تعاطي الأسباب، فتعاطى التجارة بالعطارة، وأخذ الطريقة الشاذلية عن المرشد الكامل والهمام الفاضل، الشيخ علي نور الدين بن يشرط المغربي التونسي، أدام الله وجوده وأغدق علينا وعليه إحسانه وجوده، فاشتغل بالطريق فوق العادة وبذل في الطاعة جده واجتهاده، ولازم الإخوان في مسائه وصباحه، وسلك مسالك نجحه وفلاحه، مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخدمه المريدين بالحظ الأوفر. وفي سنة أربع وثلاثمائة وألف أجازه إجازة عامة، وأذن له بتلقين الذكر وهو لهذا العهد يقيم الحضر في داره، وقد أخذ عنه كثيرون فأوضح لهم الطريقة وعلمهم كيفية السلوك إلى الحقيقة، ودعاهم إلى التمسك بالسنة والكتاب وعرفهم الفرق بين الخطأ والصواب، ومن نظمه يرد على من زعم أن التمسك بالحقيقة يغني عن اتباع الشريعة قوله:

عجباً لمن يعصي أوامر ربه ... ويقول لست بمذنب من عجبه

ويرى خلاف الشرع تحقيقاً ولا ... ينقاد جهلاً بالطريق لحزبه

ويقول إني مطلق من قيده ... فدع المقيد هائماً في حجبه

ويظن مع أهل الضلال بأنه ... عرف الهدى ودرى نهاية دربه

وبأنه ممن يحب الله قد ... فازوا وقد سلكوا مسالك قربه

هيهات هيهات المحب حقيقة ... والله لا يعصي أوامر حبه

والمهتدون العارفون بربهم ... لا يجهلون وليس فيهم ما به

فاترك مصاحبة الذي هو مثله ... تلقي الأمان من الزمان وحربه

<<  <   >  >>