للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أكثر الأوقات والأيام، فصيح اللسان ذو معرفة وإتقان، وكان مشتغلاً بنظم قصائد تسعة وعشرين، من كل حرف من حروف الهجاء قصيدة، على طرز قصائد صفي الدين أبي المحاسن عبد العزيز بن سرايا بن أبي القاسم الحلي التي سماها درر النحور في امتداح الملك المنصور، فكان يتلو علينا من أبياتها، ويفكهنا بسكر نباتها، وقد تخلص بكل قصيدة إلى مديح الحضرة المعظمة السلطانية الحميدية، وقد سماها بالعصر الجديد، جمع بها جواهر الآثار، ودقائق المعاني الأبكار، وبعد مدة سافر إلى الأستانة العيلة، وقدمها للسدة السنية الملوكانية، فأحسن إليه برتبة محترمة، وخدمة في دائرة المعارف العمومية الجليلة، ولم يزل مكباً على الاشتغال بالأدب، وآثاره مقبولة تألفها الطباع، وتلتذ بها الأسماع، ومن نظمه البديع وشعره الرفيع، قوله:

أعد الحديث عن الأماني الحفد ... واغتم مسالمة الليالي العود

وأدر كؤوس الراح فيها للهنا ... أيدي الصبا منها صحيفة عسجد

طوراً تطوف بها الشموس وتارة ... تسعى بها الأقمار حول الوقد

من كل وضاح الجبين أغر ذي ... شمم وعز بالشباب معربد

يلقاك ملتحف الوقار كلاهما ... بادي المشيخة في حداثة أمرد

يغدو بأصناف المسرة لاهيا ... يوماً ويوماً بالمقيم المقعد

لا تبصر العينان منه لذي نهى ... إلا خلال ممجد ومسود

إن قال كان الرأي منه مسددا ... أو صال كان الخصم غير مسدد

ومنها:

وخضيبة الكفين مزر قدها ... هيفا بأعطاف الغصون الميد

نشوانة بالحسن تعبث بالنهى ... عبث الحوادث بالوليد المبتدي

تلقاك في ديباجتين منوطة ... من فوق ضاف بالعبير مقرمد

أقسى مساساً من فؤاد معذبي ... وأرق من قلب حزين المكمد

<<  <   >  >>