إلا بعد خروج الناس، فلما تكامل خروج الناس، ولم يبق في المسجد أحد، خرج حضرة الشيخ والتفت إلى صفوف الأعداء بعين الجلالة، فمنهم من هرب ومنهم من سقط مغمى عليه، ومنهم من صاح وانجذب، ومشى حضرة الشيخ إلى أن وصل إلى الزاوية بجماعته بدون أن يتعرض لهم أحد، وهذه القضية وقعت على رؤوس الأشهاد، فلم يبق أحد من أهل السليمانية إلا وعلمها، فحقد عليه العلماء وأرادوا أن يهينوه في تجهيله في العلم، فامتحنوه بمشكلات أنواع العلوم النقلية والعقلية فلم يقدروا عليه، بل صاروا كأحقر الطلبة بين يديه، فلما رأوا أنفسهم أنهم بالنسبة إليه جهال، وليس لهم قدرة عليه بحال، كتبوا كتاباً وأرسلوه إلى حضرة المترجم، ومضمون الكتاب من كافة علماء السليمانية إلى علامة الدنيا على الإطلاق والدين، حجة الإسلام والمسلمين، مولانا وشيخنا الشيخ يحيى المزوري العمادي متع الله تعالى المسلمين بطول حياته: أما بعد فقد ظهر عندنا خالد وادعى الولاية الكبرى والإرشاد، بعد عوده من الهند إلى هذه البلاد، وهو رجل قد ترك العلوم بعد تحصيلها على وجه الكمال، واختار سبيل الضلال، ونحن قد عجزنا إن إلزامه، وقهره وإفحامه، فيجب عليك أن تتوجه إلى طرفنا لإفحامه، ودفع ضلاله ومرامه، وإلا فقد عم الضلال بين العباد، وانتشر الفساد في البلاد، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فلما وصل الكتاب إلى الشيخ يحيى وقرأه، قام وركب بغلته مع جملة من طلبته الفحول، وتوجه إلى السليمانية وقد استحضر في فكره عدة سؤالات من أشكل المشكلات، في المعقول والمنقول، الفروع والأصول، فلما قرب الشيخ من السليمانية خرج العلماء كافة وأكابر البلدة لاستقباله، وتقبيل يديه ورجليه وأذياله، فلما دخل البلدة دعاه كل إلى منزله من