وأقام في المدرسة المرادية ستة أشهر، وذلك سنة سبع وأربعين بعد المائتين وألف، ثم بلغه وفاة والده فعاد إلى وطنه وبلده، وأقام بها نحو ثلاث سنين يتعاطى التجارة في مكان أبيه، ويربي إخوته مع عدم تركه لطلب العلم، ثم توجه إلى الأزهر الشريف فأقام به سبع سنين، وقرأ فيه على جملة من العلماء الأعلام، منهم الشيخ محمد الشبيني والشيخ محمد الطنتدائي والشيخ محمد الدمنهوري والشيخ إبراهيم الباجوري والشيخ أحمد الدمياطي وغيرهم، ثم عاد إلى بلده صيدا وقرأ بها الفقه للعموم، ثم توجه إلى طرابلس الشام وأقام بها نحو ثلاث سنين، فحضر عليه بها جماعة من أفاضلها، ثم تقلد القضاء في لبنان نحو سبع سنين، ثم صار معاوناً لقاضي بيروت، ولم يزل يتعاطى التدريس للعموم والخصوص، وقد ألف جملة من الكتب، منها رائض الفرائض، ومنها شرح أطواق الذهب، وغيرهما، ومن نظمه:
لطيبة الغراء ذات النور ... سر بي أسر
فإن بي لتربها الكافور ... شوقاً أسر
أبقى إذا ما لاح للبرق ابتسام ... من نحوها أو فاح لي عرف انتسام
أو مر بي ذكر لتلك الدرو ... كالمحتضر
قد جد بي وجدي وأغراني الغرام ... إلى مقام المصطفى خير الأنام
من جاء كالمصباح في الديجور ... يهدي البشر
وقام يسعى في صلاح المهتدين ... ثم انتحى للماردين المعتدين
مثل انتحاء الباز للعصفور ... حتى قهر
وجاء للخلق بقرآن مجيد ... في الدين والدنيا بلا شك مفيد
ألفاظه كاللؤلؤ المنثور ... فصح غرر
حلو المعاني لذة للسامعين ... يا حبذا هاد إلى الحق المبين