بمكة عاصمة البلاد الحجازية، فازداد حبه لدى الخاص والعام، وعظمته قلوب الأهالي والحكام، وكان لطيف المعاشرة، حسن المسايرة، سار في منهج العلم والأدب من صغره، واعتاد قطف ثمرات الرفعة من ابتداء عمره، وحضر دروس الأفاضل، إلى أن جلس معهم على مائدة الفضائل ثم لا زال يترقى مقامه، ويخضع له مطلوبه ومرامه، إلى أن انفرد في جلالته، وانجلبت القلوب على مهابته، وله كنايات حسنة، وتأليفات مستحسنة، من جملتها الفتوحات الإسلامية، بعد مضي الفتوحات النبوية، وهو كتاب مفيد، لكل طالب ومستفيد، ولما تم بدر إشراق جمعه وعم الأنام حسن طبعه، أرخه الهمام المحفوظ من حاسد وشاني، عبد الحميد ابن محمد فردوس المكي الأفغاني، فقال:
قف بي على تلك الربا ثم سل ... عن ربع سعدى والجناب الرحيب
وانشر حديث الوجد في حيهم ... كي يرحموا الصب المعنى الكثيب
واذكر لهم عهداً مضى بالهنا ... في غفلة الواشي وقرب الحبيب
واشرح لهم حال معنى بهم ... ما مال عنهم طرفة للرقيب
أحبابنا إن واصلوا أو نأوا ... لا حول لي عنهم ولا لي مجيب
حتى م هذا العذل يا عاذلي ... كم ذا يقاسي القلب عذل المريب
رفقاً بمن أضناه سقم الجوى ... والدمع فوق الخد يبدو صبيب
أضحى مقيماً بين أهل وصحب ... لم يداروه وغاب الطبيب
والنفع لم يحصل له سوى ... فيض كتاب نافع للأديب
حاوي المغازي والفتوحات قد ... فاق التواريخ بوضع عجيب
تأليف مولانا إمام الهدى ... الكامل الفرد الحسيب النسيب
أعني رئيس العلم في مكة ... مفتي الأنام اللوذعي الأريب
يا رب فاحفظه لنا دائماً ... مرتقياً في رغد عيش خصيب
فالطبع لما تم تاريخه ... نصر من الله وفتح قريب