الاتفاق، ولما توفي الشيخ خليفة السفطي وضع في مكانه شيخ رواق السادة الفشنية لما ناله من الكمال، وبلغ به مبلغ القادة من الرجال، وذلك في شهر محرم الحرام سنة ثلاث وتسعين بعد المائتين والألف، وذلك بعد أن أجازه شيخ الإسلام الشيخ مصطفى العروسي شيخ الأزهر، وأجازه بقية العلماء بما تجوز لهم روايته عن مشايخهم ذوي المقام الأبهر، وقد نظم رسالة اليونسي في البيان، وشرح منظومة الحميدي، وله منظومة في النحو على نسق منظومة الشبراوي وله رسائل كثيرة، وتقريرات شهيرة، ولما حصلت الوقعة العرابية، مع الدولة الإنكليزية، واستولى الإنكليز على مصر، ووقع بأعيانها وعلمائها كل ضيق وعسر، كان من جملة من انتفى منها المترجم وأخوه الشيخ محمد إلى بيروت ومدة نفيهما أربع سنوات، وفي سنة ثلاث وثلاثمائة وألف حضرا إلى الشام وزارهما الشاعر الأديب الشيخ محمد الهلالي فخاطبه المترجم في الحال، على طريق الارتجال بقوله:
في آخر الشهر جئنا ... دمشق ذات الجمال
فكان أمر عجيب ... وذاك رؤيا الهلال
وفي هذه السنة بعينها اجتمعت بهما في مدينة بيروت وانعقدت بيننا محبة عظيمة، ومودة جسيمة، وكان درسهما في الصباح يشهد لهما بعلو المقام، وسمو المعرفة، إلا أن الأخ الكبير الشيخ محمد كان يغلب عليه حال الطريق مع كماله في العلم، وأما المترجم فإنه يغلب عليه العلم وإن كان متمكناً في الطريق، وبالجملة فإنهما فرع شجرة زكية، وصفوة لسادة أهل رتبة علية، ما منهم إلا كامل وأكمل، وفاضل وأفضل، وللناس بهم اعتقاد كامل، فيجعلونهم لحل مشكلاتهم من أعظم الوسائل، توفي رحمه الله وأعلى في دار الرضواه مرتقاه، في شهر جمادى سنة الف وثلاثمائة وثمانية ودفن في بلد أبيه وجده في القايات؟