الأرض "، أما رأيت ما حباني الله به من عظيم المنة، حيث جعلني الله نهراً من أنهار الجنة، أما علمت أن مني حوض من كان إذا مشى في الشمس تظله الغمامة، أما تيقنت أنني نبعت من بين أصابعه فكنت له معجزة كما أكون لوارثي مقامه الرفيع كرامة، أما عرفت أني أرفع الأحداث، وأطهر الأخباث، وأجلو النظر، وأكون للمؤمنين في الآخرة نوراً في محل التحجيل والغرر، أما رأيت الناس إذا غبت عنهم يتضرعون إلى الله بالصوم والصلاة والصدقة والدعاء، ويسألونه تعالى إرسالي من قبل السماء، واعلم أنني ما نلت هذا المقام الذي ارتفعت به على أبناء جنسي، إلا بانحطاطي الذي عيرتني به وتواضعي وهضم نفسي، وأنا لا أحب المعالي، وأنا سلم للمحل المنخفض، وحرب للمحل العالي، لا أتجاوز حد العبيد، ولا أنازع فيما أختص به من الصفات التي لا تغني ولا تبيد، بل أخشى دائماً بطشه، وأستحضر قوله تعالى: " إن بطش ربك لشديد "، فلذلك باعدني الله من النار، وجعلك حجاباً بيني وبينها أتقي بك ما تطاير منها من الشرار، وقد علم كل عالم أن فضائلي تجل عن الحصر، وأني سيد العناصر ولا فخر، أقول قولي هذا وأستغفر الله من لغو الكلام، وأسأله لي ولأحبابي حسن الختام. ثم نزل والتمس منا أن نحكم له بالفضل على الفور، وأن نجانب في حكمنا الميل والجور، فقلنا له بأن كلاً منكما أدلى إلى الفضل بحجة، وسلك من الدلائل العقلية والنقلية أوضح محجة، غير أن تكافؤ الأدلة، غدر منا الأفكار مضمحلة، وقد عجزت عن ترجيح فضلكما الأفكار، كما عجز القاضي الأفعى عن الحكم لأبناء نزار، وليس لهذه المعضلة، والحادثة