للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا زال أهل الميدان في الليل والنهار، يحرسون النصارى من الأشقياء والأشرار، إلى السادس والعشرين من محرم الحرام، دخل الشام محمد معمر باشا ومعه أربعة آلاف جندي من عسكر النظام، وفي غرة محرم سن سبع وسبعين، دخل خالد باشا المصري للنظر في أمر هذه الخيانة، وكان قبل دخوله بيوم قد سافر أحمد باشا المذكور أولاً إلى بيروت متوجهاً إلى الآستانة، وفي حادي عشر المحرم الحرام، دخل ناظر الخارجية فؤاد باشا إلى الشام، مرخصاً من قبل الدولة وباقي الدول، مهما شاء أجرى ومهما أراد فعل، ومعه عوضاً عن أحمد باشا المترجم المذكور عبد الحليم باشا المشير المشهور، واجتمع بالشام من العساكر السابقة واللاحقة نحو ثلاثين ألفاً، ثم بعد ثلاثة أيام، أمر بعقد مجلس عام، وطلب فيه مأخوذات النصارى ومسلوباتهم، ومغصوباتهم ومنهوباتهم، وذلك يوم الخميس خامس عشر المحرم، وشدد غاية التشديد، وأكد أعظم تأكيد، ولما أصبح صباح الجمعة سادس عشر المحرم، وجد الناس أثمان الشام قد امتلأت من العساكر، وقد أغلقوا أبواب البلد ولم يعرف أحد ما الأمر إليه صائر، فدخل على الناس من الهم والكدر، ما هو عبرة لمن اعتبر، وهذا أول الامتحان على ما سلف من القباحة والعصيان، حمانا الله من شر الفساد والطغيان، ووقانا من حيف الزمان، ثم إن الحكومة أرسلت لكل ثمن مأموراً لتحصيل المسلوبات، وجمع المنهوبات، وقد حصل التنبيه بأن من عنده شيء فليأت به ولا يخفيه، فبادر الناس بالإحضار، وصار من عنده شيء كأنه قد اشتعلت به النار، ودخل على الناس من الوجل ما يستصغر عنده حضور الأجل، وصار بعض الناس يلقون ما عندهم في الطريق ليلاً للتستر والكتم، وذهب شعورهم لما اعتراهم من الخوف والوهم، وصاروا يقبضون على بعض الناس ويحبسونهم في التكية، ولا يعلمون ما يجري عليهم من البلية، واستدام جمع

<<  <   >  >>