المادة الثانية محصلها تسهيل تأدية مبلغ التسعين ألف كيس بأن يحسب منها ثمن الأخشاب وأجرة إزالة التراب من حارة النصارى، وكيفية جمع الأموال، وهكذا بقية المواد إلى آخرها كلها متعلقة بالبيان والتفصيل والتخصيص بمقادير مخصوصة على المحلات القريبة والبعيدة مما لا حاجة إلى ذكره، بعد معرفة إجمال المقصود وبيانه مما ذكرته. فلما علم الناس هذا الحال ضاق أمرهم لذلك، وصاروا يبيعون متاعهم وأثاث بيوتهم في هذه المصيبة التي كانت سماً قاتلاً على النصارى والمسلمين، فكأنه انتقام على أمر عظيم أصاب الناس جميعاً صالحهم وطالحهم، نسأل الله العافية وأن يلهم الجميع صبراً، وأن يعوضهم خيراً وأجراً. ثم بعد تمام هذه الأحوال، وترتيبها على هذا المنوال، وجهت الصدارة العظمى لفؤاد باشا وطلب إلى دار السلطنة المحمية فخاطب أهل سورية عموماً وخصوصاً بهذا الإعلان، وهو قوله:
يا أهل سورية إنني سأفارقكم نظراً لتوجيه خدمة الصدارة علي من إحسان حضرة ولي نعمتنا مولانا السلطان المعظم، وبما أن الوقائع المؤلمة التي نشبت أظفارها في العام الماضي بهذه الجهات، وكانت موجبة لنفور أهل العرض قد زالت ولله الحمد آثارها الرديئة، بظل ظليل التوفيقات السلطانية، واستقرت راحة المملكة وأمنيتها، وحصل التشبث باستحصال الأسباب الموجبة إصلاح أحوال الأهالي المصابين، ترونني الآن راجعاً إلى دار السعادة مصحوباً بالتسلية الوحيدة، وهي أنني أشاهدكم إن شاء الله تعالى في وقت قريب بحالة سعيدة، تنسيكم الحالة التعيسة التي أصابتكم قبلاً، وبما أن المأمورية المحولة لعهدتي، هي بدون استثناء خدمة لحصول آثار النية السلطانية الشفوقة تماماً نحو كافة التبعة الملوكية، وحال اجتهادي بذلك سأعتني بالأخص في أشغال هذه الجهات، لكوني من بعد الآن أعتبر ذاتي سورياً قلبياً، وعلى وفاق الأمر الواجب الإذعان الملوكاني،