للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال رحمه الله متغزلاً في واقعة حال ولكنه زاد ما لم يقع تونيقاً على عادة الشعراء، وهذه القصيدة ألطف ما قاله:

بدا وجهها في ظلمة الليل كالبدر ... ونم عليها عابق الطيب والعطر

وبشرنا بالوصل عند ابتسامها ... بريق ثناياها الشبيهة بالدر

نهضت إليها فانثنت بلطافة ... تقبلني والدمع من شوقها يجري

وقالت عسى عصر الصدود قد انقضى ... فقلت وقلبي بالغرام على جمر

فديتك ما للعتب يدخل بيننا ... فقد كان ما قد كان في سالف الدهر

فإن أويقات الوصال قصيرة ... فلا تشغليها بالتذكر والفكر

فإن كان قطع الود منك فإنني ... عفوت ومني إن يكن فاقبلي عذري

فما لذ للعشاق وصل ممحض ... من الصد والتعنيف والبعد والهجر

ألم تدر أن الدر عز لأنه ... على خطر من يبتغيه من البحر

وما ضرنا ما قد لقينا وأننا ... بلغنا ذرى الآمال في آخر الأمر

فهيا بنا نقضي من البسط حظنا ... ودع ما جرى في الكون من بعدها يجري

وعانقتها فانضم ثغري لجيدها ... وألصقت النهدين منها إلى صدري

وعاد لها طوقا ذراعي وتارة ... وشاحاً وآناً كالنطاق على الخصر

وظلنا ندير الراح اشرب سؤرها ... وتشرب سؤري ثم تجلس في حجري

ونقلي لماها والمثاني حديثها ... ومصباحنا عقد يضيء على النحر

نميل نشاوى كالقضيب يهزه ... نسيم ونحصو ثم نغرق بالسكر

أوسدها يمناي ثم تضمها ... يساري كما انضم الكمام على الزهر

إلى أن أراد الصبح أن يستفزنا ... وقامت جيوش الليل من غيظها تسري

أفاقت وقالت حان وقت افتراقنا ... ونم علينا للرقيب سنا الفجر

فقم نتزود للوداع فما عسى ... يعود لنا هذا التواصل في العمر

فما راعني إلا بكاها وقولها ... فراقك في قلبي أمر من الصبر

<<  <   >  >>