عرفانه سلوك منهج الصواب، فلا ريب أنه مظهر شموس التحبير في التقرير، وخزانة آداب التدقيق والتحرير، ومنهاج من أراد الوصول إلى المعالي، ومعراج من رام الحصول على فرائد اللآلي، حلال المشكلات بثاقب فكره، ومعطر دروس العلوم بنفثات صدره، كيف لا وهو الذي افاد من بدائع الفوائد، ما هو على رسوخ قدمه في بديع البيان شاهد، فلقد تفجرت ينابيع حكمه في كل واد، وأزهرت رياض تقريراته في كل فؤاد، لم يدع من الفنون فناً إلا دخل حصونه، وقرأ شروحه وحفظ متونه، وأما ديانته وعبادته فقد شهد له بها محرابه، وصيانته أقر له بها أترابه وأضرابه، فهو الفريد الآن في عوالي الشمائل، والوحيد لمن رام وقوعه على أنفع الوسائل. ولد سنة ألف ومائتين وخمسين تقريباً، ومن سن تمييزه امتاز على أمثاله، بحفظه وإدراكه وأقواله وأحاله، حفظ القرآن الشريف وهو غلام، وأقبل على طلب العلم بكل اهتمام، فقرأ على علماء عصره الأكابر، وأجازوه بما تجوز لهم روايته عن شيوخهم كابراً عن كابر ومن أجلهم سيدي الوالد، فقد قرأ عليه المترجم جزءاً في الحديث واستجازه، فأجابه لما طلبه منه وأجازه، ولزمه الطلبة للأخذ والاستفادة،