رسالة الولدية، وعند تمامه قد قرض له حضرة الجهبذ الذي هو بكل كمال حري، عبد الباقي أفندي العمري، فكتب عليه ما يشهد بفضل مؤلفه، وعلو فهم مصنفه، وقد أحببت أن أذكره بتمامه، وفاء بحق مقامه، وها هو ذا: لا نسلم لمن علمته نفسه غاية الكر ونهاية الإقدام، من أهل الخلاف بدار الخلافة مدينة السلام، ولو كان وهيهات أن يكون نفس عصام، معارضة ما برهن عليه هذا الغلام، الشارح لهذا النظم البديع الانتظام بالبرهان القاطع بالمدية الإسماعيلية، وشفرة الدلائل القطعية الخليلية، جادة الجدال ومادة الخصام، ومناقضة ما دون وبين فيه من آداب البحث في مناظرة أرباب النظراء الأعلام، بالتبيان الساطع بصحة نقله الاستقرائي المؤدي بعد الإلزام، للتضمن والالتزام، فيا له من شب شب من توقد نار قريحته الضرام، فأجج في كانون أفئدة ذوي المعارضة بالقلب فحمة الإفحام، وقدح زند فكرته بمرخ المشاخرة وعقار المكابرة، فأبرزت ناره ترمي بشرر كالقصر فقلنا يا نار كوني برداً وسلام، هذا وقد أوتي الرسالة الولدية قبل أن يدرك الحلم، بل قبل أن يبلغ الفطام، فيا لله دره لقد كاد أن يكيد أساطين الحكماء، والفلاسفة القدماء، بقوة احتجاجه ومنعة سلوك منهاجه، وشدة إحكامه لهذه الأحكام، كما كاد حضرة سميه إبراهيم، عليه الصلاة والتسليم، وفاء بالإقسام؛ أولئك الأصنام؛ وقد غادرهم ابن الأصفياء أفلاذاً، كما جعلهم أبو الأنبياء جذاذاً، وقال " بل فعله كبيرهم هذا، فاسألوهم إن كانوا ينطقون " بكلام، فأبوا الفتح لأبواب آداب البحث لذوي الملكة من الطلاب، طاب ثراه لقد ملأ الوطاب، واستوفى المرام، وإبراهيم الذي وفى بل زاد وأحسن في الإتمام، حيث تمطى للمناضلة، وامتطى غارب المجادلة؛ واقتحم هذا الاقتحام؛ كيف لا