لكل نظر بشكل يشاكله، والرجل في صفاء جوهره، وزكاء مخبره، لم يصبه وهم الواهمين، ولم يمسسه حزر الخراصين. وإنا نذكر مجملاً من خبره، نرويه عن كمال الخبرة، وطول العشرة.
هو من بيت عظيم في بلاد الأفغان ينمي نسبه إلى السيد علي الترمذي المحدث المشهور، ويرتقي إلى سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. وآل هذا البيت عشيرة وافرة العدد، وتقيم في خطة كنر من أعمال كابل، تبعد عنها مسيرة ثلاثة أيام، ولهذه العشيرة منزلة علية في قلوب الأفغانيين، يجلونها رعاية لحرمة نسبها الشريف، وكانت لها سيادة على جزء من الأراضي الأفغانية تستقل بالحكم فيه، وإنما سلب الإمارة من أيديها دوست محمد خان جد الأمير الحالي، وأمر بنقل أبي السيد جمال الدين وبعض أعمامه إلى مدينة كابل.
ولد المترجم المذكور السيد جمال الدين في قرية أسعد آباد من قرى كنرسنة أربع وخمسين ومائتين وألف، وانتقل بانتقال أبيه إلى مدينة كابل، وفي السنة الثامنة من عمره أجلس للتعلم، وعني والده بتربيته فأيد العناية به قوة في فطرته، وإشراق في قريحته، وذكاء في مدركته، فأخذ من بدايات العلوم، ولم يقف دون نهاياتها، تلقى علوماً جمة برع في جميعها فمنها العلوم العربية من نحو وصرف