فيها، على أن القائلين بهذا القول لم يطلقوه، بل قيدوه بضعفاء العقول قصار النظر خشية على عقائدهم من الزيغ، أما الثابتون في إيمانهم فلهم النظر في علوم الأولين والآخرين، من موافقين لمذاهبهم أو مخالفين، فلا يزيدهم ذلك إلا بصيرة في دينهم، وقوة في يقينهم. ولنا في أئمة الملة الإسلامية ألف حجة تقوم على ما نقول، ولكن تمكن الحاسدون من نسبة ما أودعته كتب الفلاسفة إلى رأي هذا الرجل، وأذاعوا ذلك بين العامة، ثم أيدهم أخلاط من الناس من مذاهب مختلفة، كانوا يطرقون مجلسه فيسمعون ما لا يفهمون، ثم يحرفون في النقل عنه ولا يشعرون، غير أن هذا كله لم يؤثر في مقام الرجل من نفوس العقلاء العارفين بحاله، ولم يزل شأنه في ارتفاع، والقلوب عليه في اجتماع، إلى أن تولى خديوية مصر حضرة خديويها الحالي توفيق باشا، وكان السيد من المؤيدين لمقاصده، الناشرين لمحامده، إلا أن بعض المفسدين ومنهم مستر قيفيان قنصل انكلتزا الجنرال سعى فيه لدى الجناب الخديوي، ونقل المفسد عنه ما الله يعلم أنه بريء منه حتى غير قلب الخديوي عليه، فأصدر أمره بإخراجه من القطر
المصري هو وتابعه أبو تراب، ففارق مصر إلى البلاد الهندية سنة ست وتسعين ومائتين وألف، وأقام بحيدر أباد الدكن، وفيها كتب رسالته التي ألفها في إبطال مذهب الدهريين وبيان مفاسدهم، وإثبات أن الدين أساس المدينة، والكفر فساد العمران. ولما كانت الفتنة الأخيرة دعي من حيدر أباد إلى كلكته، وألزمته حكومة الهند بالإقامة فيها، حتى انقضى أمر مصر وانتهت الحرب الإنكليزية، ثم أبيح له الذهاب إلى أي بلد شاء، فاختار الذهاب إلى أوربا، وأول مدينة صعد إليها مدينة لوندرا، أقام بها أياماً قلائل ثم انتقل عنها إلى باريز، وأقام بها ما يزيد على ثلاث سنوات. قال الشيخ محمد عبده: وافيناه في أثناء هذه المدة، ولما كلفته جميعة العروة الوثقى أن ينشىء جريدة تدعو المسلمين إلى الوحدة تحت لواء الخلافة الإسلامية، أيدها الله، سألني أن أقوم على تحريرها فأجبت، ونشر من الجريدة ثمانية عشر عدداً، وقد أخذت من قلوب الشرقيين عموماً والمسلمين خصوصاً ما لم يأخذه قبلها وعظ واعظ ولا تنبيه منبه، وذلك لخلوص النية في تحريرها، وصحة المقصد في تحبيرها، ثم قامت الموانع دون الاستمرار في إصدارها حيث قفلت أبواب الهند عنها، واشتدت الحكومة الانكليزية في إعنات من تصل إليهم فيه، ثم بقي بعد ذلك مقيماً بأوربا أشهراً في باريز وأخرى في لندرا، إلى أوائل شهر جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثمائة وألف، وفيه رجع إلى البلاد الإيرانية، وسيذهب منها إلى أفغانستان. مصري هو وتابعه أبو تراب، ففارق مصر إلى البلاد الهندية سنة ست وتسعين ومائتين وألف، وأقام بحيدر أباد الدكن، وفيها كتب رسالته التي ألفها في إبطال مذهب الدهريين وبيان مفاسدهم، وإثبات أن الدين أساس المدينة، والكفر فساد العمران. ولما كانت الفتنة الأخيرة دعي من حيدر أباد إلى كلكته، وألزمته حكومة الهند بالإقامة فيها، حتى انقضى أمر مصر وانتهت الحرب الإنكليزية، ثم أبيح له الذهاب إلى أي بلد شاء، فاختار الذهاب إلى أوربا، وأول مدينة صعد إليها مدينة لوندرا، أقام بها أياماً قلائل ثم انتقل عنها إلى باريز، وأقام بها ما يزيد على ثلاث سنوات. قال الشيخ محمد عبده: وافيناه في أثناء هذه المدة، ولما كلفته جميعة العروة الوثقى أن ينشىء جريدة تدعو المسلمين إلى الوحدة تحت لواء الخلافة الإسلامية، أيدها الله، سألني أن أقوم على