الزاهر، أحد علماء الحجاز، العامرين لأرجاء الحقيقة والمجاز، المتسلسلين بالمعارف والفضائل، والمتجملين باللطائف وأعلى الشمائل. حضر دروس العلماء الأعلام، إلى أن حصل على المراد والمرام. وفي سنة ألف ومائتين وثلاث وعشرين، خرج والده من المدينة الشريفة فساقته المقادير إلى بلاد الكرد من سواد العراق، فاجتمع بواليها عبد الرحمن باشا وكان من أهل العلم والفضل، وله محبة في العلماء زائدة، فأحب السيد إسماعيل المذكور، وأكرمه وأبقاه عند مبجلاً، وزوجه ابنته عائشة، وهي والدة المترجم، فاستمر والد المترجم مقيماً بتلك الأرض خمساً وأربعين سنة، معظماً محترماً. وفي مدة غيبيته كانت فتوى الشافعية بالمدينة المنورة لدى أولاد عمه. وفي سنة تسع وستين ومائتين وألف عزم والد المترجم على التوجه إلى وطنه، فتوجه في شهر رجب من السنة المذكورة، ولما وصل إلى مصر من طريق الشام، ترك المترجم في الجامع الأزهر، فأخذ عن علمائها المشهورين، وتوجه والده إلى دار السلطنة وامتدح المرحوم السلطان عبد المجيد بقصيدة سنية، فقلده منصب إفتاء الشافعية بالمدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والتحية، ثم رجع إلى المدينة ودخلها في أوائل رجب سنة إحدى وسبعين ومائتين وألف. وقد أرخ رجوعه حضرة الفاضل المحترم الشيخ عبد الجليل أفندي برادة بقصيدة غراء مطلعها: